للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كل عدد معلوم من الأيام؟ ثم لم تلبس كل يوم صورة جديدة؟ وتولد كل يوم ميلادا جديدا؟.

ولو شاء القرآن أن يجيب على تلك الأسئلة الجواب المناسب لها، لأعطى الكلمة الحاسمة الفاصلة، ولكن هذا يفتح المجال للمناظرة والأخذ والرد، والقبول والرفض.. ثم أنّى للعقول- فى كل عصر وفى كل مجتمع- أن تستوعب الحقيقة العلمية، وتقنع بها؟ إن غير هذا أولى بالقرآن، وأنفع للناس فى مجال دعوته إلى الحق والخير!.

«قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ» ذلك هو الجواب الذي كان ينبغى أن يكون سؤال السائلين متجها إليه، باحثا عنه..: «هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ» فهذا هو بعض معطيات الأهلة للناس، يضبط بها رءوس الشهور، ويوقف منها على أشهر الحج التي يقول الله عنها: «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ» .

وفى قوله تعالى: «وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها» تعقيب يستخلص الحكمة والعبرة من ثنايا الحدث والواقعة، وذلك من تمام الهدى الذي جاء القرآن الكريم به، وقامت الرسالة الإسلامية عليه.

فليس من التزكية للنفس، والهداية للعقل، والاطمئنان للقلب، أن يلقى الإنسان الأمور من ظهورها، وأن ينظر إليها من ورائها، فذلك لا يطلعه منها إلا على ظلال وأشباح، أما إذا أراد أن يتعرف إليها، ويعرف وجه الحق منها، فليلقها مواجهة، ولينظر إليها نظرا قاصدا، فذلك هو الذي يدنيه من الحق، إن كان طالبا له، عن نية خالصة وقلب سليم.. وليس كذلك شأن المنافقين الذين لا يأتون الأمور إلا مواربة، ولا ينظرون إليها إلا بأبصار زائغة منحرفة!

<<  <  ج: ص:  >  >>