التفسير: هذا الحكم وإن كان عاما يلحق الكافرين الذين ماتوا وهم على كفرهم، إلا أنّه يتجه اتجاها مباشرا إلى اليهود، الذين أبعدهم الرحمن من رحمته، وتركهم مع كفرهم وضلالهم، وأغلق فى وجههم باب التوبة والقبول، وذلك لأنهم كفروا بعد إيمان، وضلّوا بعد علم، ثم اجترءوا على الله، فحرّفوا كلماته، وبدّلوا آياته..
وإنهم وقد أيأسهم الله من الرجوع إليه، سيمضون على ما هم فيه من كفر، وسيموتون كافرين..
ومن كان على تلك الصفة، فالويل له من عذاب يوم عظيم! وفى قوله تعالى:«فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً» أمور منها:
أولا: أن المال الذي هو دين اليهود، والذي من أجله استرخصوا الدّين، واستخفوا بآيات الله، ليحتفظوا بمراكزهم الاجتماعية فى مجتمعهم الفاسد- هذا المال الذي هم تاركوه وراءهم لن يدفع عنهم شيئا من العذاب الذي ينتظرهم فى الآخرة..
ثانيا: التعبير بالذهب عن المال، سواء كان ذهبا أو فضة، أو ضياعا أو دورا وقصورا ودوابّ- لأن الذهب هو المقياس الذي تعرف به قيمة كل مال، وهو الذي به ينال كل مال مطلب.
ثالثا: فى قوله تعالى: «أَحَدِهِمْ» ما يشعر بالاستخفاف بهذا المال، وبقلّة جدواه فى هذا الموقف، وأنه لو كان لأحدهم ملء الأرض ذهبا ما نفعه! فكيف وهو لا يملك من هذا المال ما يملأ حفرته من الذهب؟ فإن بلغ فى الغنى أقصى مدى فلن يملك مصرا من الأمصار! وأين هذا الذهب الذي يملأ هذا المصر الذي ملكه؟