التفسير: شهد المسلمون فى موقعة بدر أمداد السّماء تتنزل عليهم، وتضع بين أيديهم هذا النصر المبين، الذي كان مفتتح انتصاراتهم التي ستجىء بعد هذا، فيما يدور بينهم وبين المشركين والكافرين من قتال..
ولئلا يغلب على المسلمين هذا الشعور الذي استولى عليهم يوم بدر، من عون الله لهم، وإمدادهم بالملائكة تقاتل معهم- لئلا يغلب هذا الشعور عليهم، ويسلمهم إلى التواكل والثقة بضمان النصر من غير إعداد وجهاد وبلاء، فقد أراهم الله فى قوله تعالى:«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» - أراهم الطريق الذي يأخذونه لتحقيق النصر الذي ينشدونه، ورسم لهم الدستور الذي يستقيمون عليه ليكون لهم الغلب الذي يرجونه..
فالثبات للعدوّ، والتصميم على لقائه فى عزم وإصرار، دون أن يقع فى النفس أي هاجس يهجس بها للفرار، أو التراجع، أو أخذ الجانب اللّين من مواقف القتال- هو السلاح العامل بمالا تعمله كثيرة العدد والعدد، لكسب المعركة، وتحقيق النصر..
ولن يكون ذلك الموقف متاحا للإنسان وهو يواجه وجوه الموت، إلا إذا شدّ عزمه بالإيمان بالله، وملأ قلبه يقينا بالجزاء الذي أعدّه الله له، ومن هنا كان ذكر الله، والإكثار من ذكره فى هذا الموطن، هو الزاد الذي يتزوّد به المجاهد، للصبر على الشدائد، والثبات فى وجه الموت الذي يراه رأى العين، فيما يقع بين يديه من جئت وأشلاء..
فذكر الله سبحانه وتعالى، فى هذا الموطن الذي تصرخ فيه فى كيان الإنسان دواعى الحرص على الحياة، وطلب السلامة، وحب البقاء- هو الذي يمسك الإنسان على البلاء، ويسوّغ له طعم الموت، والاستشهاد فى سبيل الله، ابتغاء