للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحدّ من العذاب الذي هم فيه، وذلك رحمة من رحمته، ولولا ذلك لضاعف لهم هذا العذاب الذي هم أهل له بما ارتكبوا من آثام.

وقوله تعالى: «الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ» .

فى هذه الآية أمور.. منها:

أولا: أنها بيان لمن يستجيب الله لموسى فيهم من قومه، ويكتب لهم فى هذه الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة، وأنهم هم الذين يتقون الله ويؤتون الزكاة، ويؤمنون بآياته، ويعملون بها ويستقيمون عليها.. وذلك فى عهد موسى، وإلى أن يأتى النبيّ الأمى الذي يجدونه مكتوبا عندهم فى التوراة والإنجيل.

وثانيا: إذ جاء هذا النبىّ الأمىّ الذي يجدون صفته عندهم فى التوراة والإنجيل. فإن الله لا يكتب لهم الرحمة ولا يدخلهم مداخل المؤمنين، حتى يتبعوا هذا النبىّ ويؤمنوا به.. «الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ» فهؤلاء هم اليهود والنصارى، وقد عرف الفريقان صفة هذا النبىّ فى كتبهم التي بين أيديهم، وأمروا بالإيمان به عند ظهوره..

وثالثا: من صفات هذا النبيّ.. أنه رسول، ونبىّ، وأمي، وأنه يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ويحلّ لهم الطيبات ويحرّم عليهم الخبائث، ويضع عنهم إصرهم، أي العهود التي أخذها الله عليهم، وهى الأحكام التأديبية التي أدّبهم بها، وفرض عليهم التزامها، كتحريم كل ظفر، وكتحريم شحوم الغنم والبقر إلا ما حملت ظهورها، أو الحوايا أو ما اختلط بعظم، وكتحريم

<<  <  ج: ص:  >  >>