«وهو- أي العبد- يحسّ من نفسه الاقتدار والفعل.. ومن أنكره فقد أنكر الضرورة» ! ونقول: إن مفهوم هذا القول يقتضى أن يقوم إزاءه قول آخر.. وهو:
إنه يستحيل أن يخاطب الله العبد بألا تفعل ثم لا يمكّنه من ألّا يفعل! وإذن، فيكون الوضع الصحيح للمسألة على مقتضى هذا الرأى، هو:
أولا: أن الله يأمر العبد بأن يفعل، ويمكنّه من أن يفعل.. وهذا فى باب الخير والمعروف، فيفعل كل ما هو خير ومعروف.
وثانيا: أن الله ينهى العبد ألا يفعل المنكر، ويمكّنه من ألا يفعله..
وهذا يشمل المنهيات جميعا، فلا يفعل العبد ما هو شر ومنكر أبدا.. وهذا غير واقع.. فما أكثر ما يأتى الإنسان ما نهى الله عنه من فواحش وعلى هذا، فالعبد إنما يفعل ما يفعل من خير أو شر بما أودع الله فيه من قدرة، فإذا فعل العبد خيرا فبما أودع الله فيه من قدرة على فعل الخير، وإذا فعل شرّا فبما فيه من قوة لا تستطع أن تدفع الشرّ الذي فعل.
ما ذنب العبد إذن؟ أهذا يتفق مع العدل الذي يقوم عليه مذهب المعتزلة؟
ألا ينتهى هذا الرأى إلى القول بالجبر؟
«ويكاد واصل» يقول هذا.. ولكنه يردّه عن ذلك ما يرى من عدل الله وحكمته، فهو يريد أن يدفع عن عدل الله تبعة الأعمال السيئة التي يجازى عليها المسيئون، كما يدفع عن حكمة الله هذه الشرور التي تقع فى محيط الناس.
أترى أن واصلا كان عادلا فى هذا الحكم؟ إنه نظر إلى المسألة من جانب واحد.. جانب الإنسان العاجز الضعيف، وعلّق فى عنقه كل هذه الشرور والآثام..