تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا.. لا يتحولون عنها، ولا ينتقلون إلا من نعيم إلى نعيم فيها.
«رضى الله عنهم» بما كان منهم من صدق فى القول والعمل، «ورضوا عنه» بما أحسن إليهم من جزاء، وأفاض عليهم من نعيم.. و «ذلك هو الفوز العظيم» الذي تعدل اللحظة منه عمر الدنيا كلها، وما لقى المنعّمون فيها من نعيم، وما ذاق السعداء فيها من طعوم السعادة. فكل هذا، لا يعدّ شيئا إلى نظرة رضى من الله إلى من رضى الله عنهم، جعلنا الله منهم وأدخلنا فى زمرتهم، وأرضانا بما أرضاهم، بما تبلغه بنا سوابغ رحمته، وتؤهلنا له أمداد مننه وأفضاله.
وفى قوله تعالى «وَرَضُوا عَنْهُ» لفتة كريمة من ربّ كريم، إلى عباده المكرمين، حيث يرضى عنهم وبرضون عنه، حتى لكأنه رضى متبادل بين الخالق والمخلوقين، والمعبود والعابدين، فسبحانه من ربّ كريم، برّ رحيم..
شاهت وجوه من يتجهون إلى وجه غير وجهه، وخسئ وخسر من يلوذون بجناب غير جنابه. ويطوفون بحمى غير حماه.
وقوله سبحانه:«لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما فِيهِنَّ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» قولة حق ينطق بها الوجود كله فى هذا اليوم، ويشهد تصريفها الناس عيانا فى هذا اليوم المشهود، حيث تخشع الوجوه للحىّ القيوم، وتخفت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا، وحيث تذلّ جباه الجبابرة، وتغبر وجوه الظالمين، وحيث ينادى منادى الحق:«لمن الملك اليوم؟» فإذا رجع هذا النداء، هو هذا الوجود كله لسان بسبّح بكلمة الحق:«لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ» .