للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يَفْعَلْ هَذَا سُلَيْمَانُ غَيْرَةً «١» عَلَى الدُّنْيَا، وَلَا نَفَاسَةً «٢» بِهَا، وَلَكِنْ مَقْصِدُهُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُفَسِّرُونَ أَنْ لَا يُسَلَّطَ عَلَيْهِ أَحَدٌ كَمَا سُلِّطَ عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ الَّذِي سَلَبَهُ إِيَّاهُ مُدَّةَ امْتِحَانِهِ- عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ ذَلِكَ «٣» - وَقِيلَ: بَلْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِنَ اللَّهِ فَضِيلَةٌ، وَخَاصَّةٌ يَخْتَصُّ بِهَا، كَاخْتِصَاصِ «٤» غَيْرِهِ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَرُسُلِهِ بِخَوَاصَّ «٥» مِنْهُ.

وَقِيلَ: «لِيَكُونَ ذَلِكَ دَلِيلًا وَحُجَّةً عَلَى نُبُوَّتِهِ كَإِلَانَةِ الْحَدِيدِ لِأَبِيهِ، وَإِحْيَاءِ الْمَوْتَى لِعِيسَى، وَاخْتِصَاصِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالشَّفَاعَةِ، وَنَحْوِ هَذَا» ..

وَأَمَّا قِصَّةُ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَظَاهِرَةُ الْعُذْرِ، وَأَنَّهُ أَخَذَ فِيهَا بِالتَّأْوِيلِ، وَظَاهِرِ اللفظ لقوله تعالى «وأهلك «٦» » فَطَلَبَ مُقْتَضَى هَذَا اللَّفْظِ، وَأَرَادَ عِلْمَ مَا طوي عنه مِنْ ذَلِكَ لَا أَنَّهُ شَكَّ فِي وَعْدِ الله.


(١) غيرة: بفتح الغين المعجمة وتكسر في لغة وهي محبة أمر يأبى ان يكون لغيره
(٢) نفاسة: بفتح النون رغبة.
(٣) وهم الذين اخذوا هذا من الاسرائيليات. وفي صحة الاسرائيليات كلام للمحدثين
(٤) أي كَاخْتِصَاصِ غَيْرِهِ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَرُسُلِهِ بِخَوَاصَّ كالخلة لابراهيم وكالتكليم لموسى وكالمحبة لمحمد صلّى الله عليه وسلم ونحو ذلك وما خص الله به نبيا من الانبياء دون غيره لا ينافي الافضلية لانه قد يكون في المفضول ما ليس في الفاضل.
(٥) وقد تقرر انه لم يكن لنبي من الانبياء معجزة وخاصة الا لنبينا صلّى الله عليه وسلم مثلها وأعظم منها كما فصله الامام الخيضري فى الخصائص وهو من أجل ما ألف في هذا الباب.
(٦) «حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ» . سورة هود آية «٤٠»

<<  <  ج: ص:  >  >>