والآداب: جمع أدب، والمراد به أدب النفس الموافق للشرع، وليس المراد به الأدب العرفي الاصطلاحي الذي يحمل اسم الفن الذي تُكلم فيه، وكُتب فيه وعنه الشيء الكثير؛ لأن الأدب صار الآن فن يطلق على نوع فيه كثير مما يخالف الأدب، الذي يسمونه أدب الدرس، لا أدب النفس، وألفت فيه المصنفات الكثيرة والكبيرة التي تجمع ما هب ودب، تجمع الجد مع الهزل، وتجمع الصدق إلى الكذب، تضم الخير إلى الشر، وغير ذلك مما تتصف به هذه الكتب، ويغلب عليها طابع السفه والمجون، ومع ذلك هي موجودة يتداولها الناس كابر عن كابر، ولا تخلو من فائدة، يستفاد منها، استفاد منها أهل العلم، لكن مع ذلك على طالب العلم أن يتحرى في قراءة العفيف النزيه منها، وهي متفاوتة على درجات، يعني من أسوأها كتاب: الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني، ومن أسوأها إن لم يكن أسوأها محاضرات الأدباء ومحاورات البلغاء والشعراء، للراغب الأصفهاني صاحب المفردات، مفردات القرآن، وابن الوردي عالم فقيه قاضي مفتي ألف في الفقه والتاريخ وألف في الأدب فأسف وبلغ الغاية في الإسفاف، وانتقد بذلك وبين في مقدمة كتابه، وقال: ما يدري هذا المنتقد أن العلم الشرعي شيء والأدب شيء آخر، لكن هل مثل هذا الكلام يقبل؟ ما يقبل، طالب العلم يقول: أنا والله يعني إذا أكثرت من النظر في الكتب الشرعية دب إليّ الملل والسآمة، ولا بد أن أراوح وأروح القلب واستجم، نقول: لا مانع من النظر في كتب التواريخ التي فيها العبرة والاستجمام أيضاً، وكتب الأدب لكن ينتقي منها الأنظف، يعني زهر الآداب للحصري من أنظفها وأحسنها، مع أنه ما سلم، الذي حققه قال: إن المؤلف أغفل جانب مهم من جوانب الأدب الذي هو المجون، أغفل جانب مهم من جوانب الأدب، يعني -سبحان الله- تكلم عن الشيء على نقيض حقيقته، هو خلاف الأدب ليس الأدب، الأدب أن يتأدب الإنسان بما جاء عن الله وعن الرسول -عليه الصلاة والسلام-، بحيث ينظر في الكلمة يعني ما هي بالجملة أو المقطع أو الكلام في الكلمة الواحدة، فيتحاشى الفحش من القول والمجون فحش، ويقول: إنه أغفل جانباً كبيراً من جوانب الأدب، وهو المجون، ثم بعد ذلك يقول كلام يعني يقول: إن الحياة تفقد حيويتها إذا كانت