يعني إذا قيل: ما تحفظ في باب كذا؟ قال: في حديث فلان أو فيه كذا أو فيه كذا للمذاكرة بينهم، لا على طريق التحديث والرواية، والرواية بطريق المذاكرة، والتحمل بطريق المذاكرة أقل من التحمل بطريق الرواية المقصودة.
نعود إلى مسألة السماع من لفظ الشيخ، السماع من لفظ الشيخ له مراتب، أعلاها الإملاء، كون الشيخ يملي إملاءً يحرر ما يريد سواء كان ما يزوره في حفظه أو في كتابه، ثم يمليه وهذا أعلى ما في هذا النوع السماع من لفظ الشيخ، لماذا؟ لما يترتب عليه ويلزم منه من تحرز الشيخ والطالب، كل منهما مهتم لما هو بصدده، إذا كان الشيخ معه كتاب، ويقول: اكبتوا، ويملي حرفاً حرفاً، هذا لا شك أنه أكثر تحرزاً من كون الشيخ يلقي إلقاءً والطلاب يستمعون، في حال الإملاء لا شك أن الشيخ متحرز ومتحفظ ألا يخطئ في إملائه والطالب أيضاً متحفظ ومتيقظ لئلا يخطئ في سماعه، هذا أعلى ما في هذا النوع السماع من لفظ الشيخ، ثم يليها مسألة قصد التحديث على طريق الإلقاء لا على طريق الإملاء، ثم بعد ذلك مسألة المذاكرة، المذاكرة بين الشيوخ ما في هذا الباب ما في حديث فلان، ما في كذا ثم يسرد الحديث، ويتلقاه من يسمع ويرويه بصيغة: قال لنا، الغالب استعمالها مذاكرة، والحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- يرد من قال: إن البخاري لا يقول: قال، أو قال لنا إلا في حال المذاكرة، ويثبت أمثلة من الصحيح نفسه في أحاديث فيها قال، أو قال لنا، ويرويها بصيغة التحديث، بصيغة التحديث في نفس الصحيح أو في غيره من كتبه -من كتب البخاري-، أو العكس قد يكون الحديث قال لنا في التاريخ الكبير، ورواه في الصحيح بحدثنا، فليست خاصة بحال المذاكرة.