الكلام على القسم الأول من أقسام الحديث الصحيح، وذكر أصح كتب الحديث، الصحيح الزائد على الصحيحين
الشيخ/ عبد الكريم الخضير
والمرجوح يبقى أنه من شرط الصحيح من حيث الصناعة، لكن من حيث العمل يعمل بالراجح ويترك المرجوح "من غير ما شذوذِ" في تعريف الخطابي السابق: ما اتصل سنده، وعدلت نقلته، الشرط الأول يتفق معه الحافظ العراقي، عدلت نقلته، نعم، بنقل عدل، لكن ماذا عن الضبط؟ لم يشر إليه الخطابي الضبط ولا انتفاء الشذوذ ولا انتفاء العلة، اكتفى باتصال السند وعدالة الرواة، مع أن بعضهم يقول: إن العلماء إذا عدلوا الراوي دخل في العدالة الضبط فلا تحتاج إلى التصريح بها، وهذا إنما يقال للدفاع عن الخطابي، وإلا فالأصل أن الضبط شرط لا بد من توفره، لا تلازم بين العدالة والضبط، فقد يكون الراوي من أتقى الناس وأبعدهم عن المحرمات، وأفعلهم للواجبات، ومع ذلك لا يضبط، ينسى، يهم، يخطئ، فيه غفلة، وهذا حال كثير ممن صار همه العبادة، وغفل عن حفظ السنن، كثيراً ما يقولون: أصاب فلان غفلة الصالحين، وهو صالح عدل، يفعل الواجبات، ويترك المحظورات، ومع ذلك شريطة الضبط لا تتحقق فيه على ما سيأتي في الحديث عن لفظ صدوق من ألفاظ التعديل.
عن مثله من غير ما شذوذ** وعلة قادحة فتوذي
وهذا أيضاً هو الشرط الخامس وهو عدمي، يشترطون انتفاء العلة القادحة، والعلة: عبارة عن أسباب طرأت على ما سيأتي فيها غموض وخفاء أثرت، العلة: سبب خفي غامض يقدح في صحة الخبر الذي ظاهره السلامة منها، وعلة قادحة الأصل في العلة متى تسمى علة؟ إذا كانت قادحة، ألا يوجد من العلل ما يقدح وعلل غير قادحة؟ ولذا احتاج أن يقول: قادحة، أولاً: قسم المعل، المعل منه صحيح ومنه ضعيف وإلا هو ضعيف كله؟ الآن التنصيص على كون العلة قادحة له داعي وإلا لا داعي له؟ إلى أن من العلل ما لا يقدح، الأصل في العلة سواء كانت الحسية أو المعنوية أنها قادحة بقدرها، العليل ضد الصحيح، فإذا قيل: فلان عليل يعني به علة يعني مرض والمرض يتفاوت من زكام إلى سرطان، لكنه يقدح مهما خف يقدح بقدره، فهل نستطيع أن نقول: يمكن الاستغناء عن قوله: قادحة؟