وكان ينبغي لصاحب هذا المذهب ألا يقول بالإرسال، بل بالتوقف حتى يتبين لمكان الاحتمال؛ لأنه يحتمل أن متصلاً، ويحتمل أن يكون مرسلاً، يعني سقط منه راوٍ، ولعل ذلك مراده، وهو الذي نقله مسلم عن أهل هذا الذهب أنهم يقفون الخبر، ولا يكون عندهم موضع حجة لإمكان الإرسال فيه، وأن هذا القصد ليلوح من قول هذا القائل حتى يتبين اتصاله بغيره، ولكن صدر الكلام يأباه؛ لقوله: عده بعض الناس من قبيل المرسل والمنقطع، وكأن في ربط العجز بالصدر تنافراً ما، إلا أن هذا المذهب رفضه جمهور المحدثين، بل جميعهم، يعني أن كل ما جاء بصيغة العنعنة مردود، أو متوقف فيه، هذا المذهب رفضه جمهور المحدثين، بل جميعهم، وهذا الذي لا إشكال في أن أحد من أئمة السلف مما يستعمل الأخبار كما قال مسلم -رحمه الله تعالى-، ويتفقد صحة الأسانيد وسقمها، مثل أيوب السختياني وابن عون ومالك بن أنس وشعبة بن الحجاج ومن سمى معهم لا يشترطه ولا يبحث عنه، ولو اشتُرط ذلك لضاق الأمر جداً، ولم يتحصل من السنة إلا النزر اليسير، فكأن الله تعالى أتاح الإجماع عصمة لذلك، وتوسيع علينا والحمد لله، فهذا المذهب المجهول قائله لا يعرج عليه، ولا يتلفت الليت إليه، الليت إيش هو؟ الليت: صفحة العنق، يعني أن العنق لا تلوى من أجل الاستماع إليه، وقد تولى الإمام أبو عمرو النصري يعني ابن الصلاح، رد هذا المذهب الذي حكاه، وقال: إن الصحيح والذي عليه العمل أنه من قبيل الإسناد المتصل، قال: وإلى هذا ذهب الجماهير من أئمة الحديث وغيرهم، وأودعه المشترطون للصحيح في تصانيفهم وقبلوه.