"فحكمه يقرب مما أطلقه" يعني يقرب من حكم القسم الأول الذي مضى في الشاذ، وأشير إليه في البيت الأول "فحكمه يقرب مما أطلقه" أي: يقرب من القسم الأول؛ لأن رواية الثقة كلا رواية، يعني وجود غير الثقة روايته، وجودها مثل عدمها، إذا قيل: تفرد به الثقة فلان، هذا حديث تفرد به مالك، يعني من بين الثقات ما رواه إلا مالك، ورواه من الضعفاء جمع، قالوا: رواية هؤلاء الضعفاء كلا رواية، اللهم إلا إذا نظرنا إليه من حيث التقوية بتعدد الطرق القابلة للانجبار، يعني إذا رواه مثلاً مالك، تفرد به من الثقات، ثم رواه جمع من الضعفاء كلهم ضعفهم غير شديد، أحاديثهم يرقي بعضهم بعضاً إلى أن تكون بمثابة الحديث الواحد القوي، فيرجح بها عند التعارض، فيرجح بها عند التعارض.
[المعلل]
وسم ما بعلة مشمول ... معللاً ولا تقل: معلول
وهي عبارة عن أسبابٍ طرت ... فيها غموض وخفاء أثرت
تدرك بالخلاف والتفرد ... مع قرائن تضم يهتدي
جهبذها إلى اطلاعه على ... تصويب إرسال لما قد وصلا
أو وقف ما يرفع أو متن دخل ... في غيره أو وهم واهم حصل
ظن فأمضى أو وقَف فأحجما ... مع كونه ظاهره أن سلما
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- الناظم الحافظ العراقي:"المعلل" وهذا النوع من أنواع علوم الحديث، من أجل علوم الحديث، وأدقها، وأشرفها، ولا ينوء به إلا القليل من الأئمة الحفاظ، وكم من شخص اشتغل بالحديث السنين الطوال، ولم يدرك علة، وإن حكم، وإن درس الأسانيد، وحكم، لكن هذه العلل لها أهلها، لها أهلها أهل الحفظ، والخبرة، والفهم الثاقب.
يقول -رحمه الله تعالى-: "وسم ما" يعني من الحديث "بعلة مشمول" بعلة خفية، سواءٌ كانت في سند الحديث، أو متنه:
وسم ما بعلة مشمول ... . . . . . . . . .
يعني بالعلة الخفية في سند الحديث، أو متنه، وسيأتي إطلاق العلة على الظاهرة، لكن العلة إذا أطلقت في كتب علوم الحديث، فإنما يراد بها الأسباب الخفية التي تقدح في المتن، أو في السند الذي ظاهره السلامة: