إلا اثنين أو واحد، نقول: هذا ليس بعذر، ما دام يوجد واحد الحمد لله يحمل عنك هذا العلم، ويعينك على الزيادة في التحصيل؛ لأن التعليم من أعظم وسائل التحصيل تحصيل العلم، وأدركنا من شيوخنا من لا يحضر عنده إلا واحد، واحد فقط، ثم بعد ذلك انتهت مرحلة المجاهدة ومغالبة النفس إلى أن أقبل أعيان الناس أقبلوا إليه، وصاروا يعدون بالمئات، أحياناً يزيدون عن الألف، فالمسألة مسألة امتحان، فيبتلى الإنسان ويختبر هل يصبر ويعطي من نفسه أو لا؟ والعلة التي تعلل بها بعض الناس أن الطلاب واحد أو اثنين ما يسوون الجلوس هذا الكلام ليس بصحيح، يعني المفترض أن تستأجر من يقرأ عليك بالأجرة، فإذا يسر الله لك من يحمل عنك العلم بالمجان، وتتعاون أنت وإياه على تحصيل العلم، أنت أحق منه بالتحصيل، فاستفد وأفد، فإذا تأهل الإنسان ودعت الحاجة إلى جلوسه للتعليم يجلس ولا يتأخر.
أما متى يكف عن التحديث؟ فيكف إذا خشي الاختلاط، إذا بدأت عليه أمارات التغير والاختلاط فيجب عليه أن يكف، يكف عن التعليم، يكف عن الفتوى، يكف عن القضاء؛ لأنه إذا بدأت عليه علامة الاختلاط لا شك أنه يختلط عنده الحق بالباطل، فهذا السن الذي يمكن أن يبحث عند أهل العلم في هذه المواضع، في صحة التحمل، وعرفنا هذا بالأمس، ومتى يستحب الطالب كذلك، ومتى يجلس للتحديث يحدث الناس، مالك جلس للتحديث وهو صغير، ذلكم لأنه تأهل -رحمه الله-، والحاجة دعت إلى أن يجلس، وذلك مع وجود شيوخه وجلس وصار له من الحظوة عند الناس وعند طلاب العلم وشيوخه موجودون في المسجد نفسه، في مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يجلس إليهم أحد، كل هذا لأن الله -جل وعلا- علم منه صدق النية، وبذل من نفسه، والذي يبذل يعان، والمسالة لا شك أن فيها مشقة، والخلاف ما تهواه النفس، لكن مع ذلك على الإنسان أن يبذل ويسعى في تصحيح النية، ثم بعد ذلك يوفق.
سم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.