ولذلك مشى على ظاهره جمع من الحفاظ وصححوه، والإمام البخاري أدرك هذه العلة في قصة معروفة، ومحاورة مشهورة بين الإمامين البخاري ومسلم، ومع ذلك الحافظ العراقي يشكك في هذه القصة إلا أن ابن حجر وغيره من أهل العلم يثبتونها.
والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا يقول: كيف نوجه تعليل بعض الأئمة لبعض الأحاديث بأحاديث أخر، وردها إليها مع كوننا لا يظهر لنا وجه تشابه بين الحديثين؟
إذا لم يظهر وجه التشابه، وثبت هذا التعليل عن إمام معتبر؛ فسببه التقصير، أو القصور؛ التقصير أو القصور في فهم كلام الإمام.
يقول: ما ضابط تعليل الأحاديث باتحاد المخرج؛ فترد الأحاديث إلى حديث واحد بناءً على اتحاد المخرج؛ فهل كلما اتحد مخرج الأحاديث، وتشابهت في متونها حكمنا بأنها حديث واحد؟
إذا جاءت مسوقة سياقاً واحداً ولو مرة في كتاب معتبر فإنها تعد حديثاً واحداً، وأما إذا فرقت؛ رويت مفرقة، وذكر لها مناسبات متعددة؛ فإنها حينئذ تكون أحاديث، ولو اتحد مخرجها، وتقاربت معانيها.
يقول: ما الجواب عما رواه الإمام مسلم في صحيحة برقم (٦٨، ٦٩، ٧٠) حيث روى ثلاثة أحاديث كلها من طريق الشعبي عن جرير -رضي الله عنه-، وساقها على أنها ثلاثة أحاديث، فالأول عن منصور عن الشعبي عن جرير: أنه سمعه يقول: "أيما عبد أبق من مواليه، فقد كفر حتى يرجع إليهم"، قال منصور: قد –والله- روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولكني أكره أن يروى ههنا بالبصرة.
لما يخشى من روايته، وإلقاءه على بعض الناس التي فيهم ميل إلى مذهب الخوارج؛ لأن هذا يؤيد بدعتهم، ويدفعهم إلى الأمام، ويحملون مثل هذا الكفر على الكفر المخرج، فمثل هذا لا يلقى إلا مبيناً معناه في مثل هذا المجتمع، الذي أشار إليه في وقته؛ أعني البصرة.