يقول -رحمه الله تعالى-: "واعقد للإملا" الإملاء: ضرب ونوع وقسم من أقسام التحمل، بل فرع من فروع القسم الأول، من أقسام التحمل الثمانية، القسم الأول: السماع من لفظ الشيخ، وتقدم شرحها مفصلاً أعني الأقسام الثمانية، فالأول منها: السماع من لفظ الشيخ، وقلنا في وقتها كما قال أهل العلم: إنه أرفع أنواع التحمل، وأرفعه الإملاء، أرفع أنواع هذا القسم الإملاء، لما يلزم فيه من تحرز الشيخ والطالب، الشيخ يملي والطالب يكتب، كلاهما متحرز، الشيخ منتبه لما يقول، والطالب منتبه لما يكتب.
يعني أرفع أنواع السماع من لفظ الشيخ، وإذا كان السماع من لفظ الشيخ أرفع طرق التحمل فيكون الإملاء إملاء الشيخ على الطلاب، والطلاب يكتبون أرفع الأنواع مطلقاً، إذ هو أرفع الأرفع، الإملاء سنة متبعة عند أهل الحديث لا يقصد بها السنة الشرعية؛ لأن العلم كله سنة، نعم لكن سنة وطريقة متبعة عند أهل الحديث، يعقدون مجالس للإملاء ينتقون فيها بعض الأحاديث يهتمون بها، ويعتنون بها، مما لها صفة تميزها، ينتقي من أحاديث شيوخه التي يرويها بأسانيده العوالي مثلاً، أو القصار من الأحاديث، أو ذات الموضوع الواحد من أحاديث شيوخه، أو لها صبغة معينة، أو وصف يشملها، وتكون من نوادر حديثه.