في درس الأمس في باب متى يصح تحمل الحديث أو يستحب؟ ذكرنا أن السن الذي يبحث عند أهل العلم هو سن صحة التحمل، وسن استحباب التحمل، وفيهما الخلاف المعروف الذي ذكرناه في درس الأمس، والسن الثالث وقد ذكرناه في بداية الدرس، وهو متى يستحب أن يجلس للتحديث؟ والرابع متى يكف عن التحديث؟ أما الثالث: وهو متى يستحب أن يجلس التحديث؟ فليس في هذا سن محدد، إنما يجلس إذا تأهل لذلك، واحتيج لما عنده، يجلس إذا تأهل لذلك، وليحذر كل الحذر أن يجلس قبل التأهل، ويتصدى لتعليم ما لا يعرفه، وما لا يتقنه، وقد يقول قائل: إننا رأينا وسمعنا وجلسنا وحضرنا عند أناس جلسوا للتعليم في سن مبكرة، فهل معنى هذا أنهم بلغوا سن التأهل للتعليم؟ أو أن الحاجة داعية إلى جلوسهم؟ هذه مسالة حقيقة يعني في تحديدها من قبل الشخص نفسه صعوبة، كيف يدعي لنفسه أنه تأهل للتعليم، أما مسألة الحاجة فقد يرى أن غيره ممن هو أكفأ منه تأخر عن التعليم فيتصدى له، وهو مثاب ومأجور على هذا، لكن كيف يعرف الإنسان من نفسه أنه تأهل؟ ويشهد لنفسه بذلك أنه تأهل؟ لا بد من شهادة أهل العلم له بذلك، واستفاضة أمره، وأنه إذا جلس في مجالس أهل العلم لاموه لماذا لا تُعلم؟ وإذا انتقل إلى مجلس آخر كذلك، ولو لم يدرك هذا من نفسه؛ لأنه قد يعرف غيره عنه ما لا يعرفه عن نفسه من خلال المناقشة ومن خلال المحاورة، والإشكال في مثل هذه المسالة أن الناس على طرفي نقيض، منهم من يموت وهو من كبار أهل العلم ويرى أنه ليس بأهل للتعليم، وهذا موجود، يعني في الواقع موجود، ومنهم من يتصدى للتعليم قبل التأهل، ولو أن أهل العلم الذين حملوه وتأهلوا لنشره قاموا بما أوجب الله عليهم ما صار لمثل هذا مكان ولا مجال، ولا جُلس إليه، وكثير من أهل العلم حينما يناقشون لماذا لا تجلسون للطلاب؟ وقد يكونون في بلد ليس فيه أحد يعلم الناس، وناقشنا كثير من القضاة وأهل العلم في بلدان ما فيها دروس، كثير منهم يتعذر بأنه يقول: ما يوجد طلاب، جلسنا للطلاب أول ما تعينا في هذا البلد، وجلس عندنا عشرة طلاب، ثم بعد ذلك جاء رمضان وانقطع الدرس، واستأنفنا بعد العيد ما حضر إلا نصفهم، ثم جاء الحج وانقطع الدرس ولما رجعنا ما حضر