لا؛ احنا افترضنا في الرواة كلهم أن يكونوا عدولاً ضابطين، بالشرطين المتقدمين، هم عدول ضابطين انتهينا منهم، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، عن مثله يعني عمن فوقه، عن مثله في العدالة والضبط، ويراد بذلك اتصال الإسناد، ونقول بهذا إنه مجرد تصريح بما هو توضيح فقط، تصريح بما هو مجرد توضيح؛ فلا يحتاج إليه، فالشرط الأول انتهينا منه، اتصال الإسناد، والثاني: عدالة الرواة، والثالث تمام ضبطهم:
عن مثله من غير ما شذوذ ... . . . . . . . . .
عن مثله من غير ما شذوذ، الشروط الثلاثة المتقدمة وجودية، بمعنى أنه لا بد من وجودها، وتوافرها في الرواة الذي بعدها -من غير ما شذوذ- شرط عدمي بمعنى أن الشذوذ لا بد أن يكون معدوماً، إذا اشترطنا وجود الاتصال، والعدالة، والضبط نشترط مع ذلك الشرط العدمي، وهو أن لا يوجد الشذوذ، والشاذ على ما سيأتي شرحه في بابه المستقل يُختلف فيه بين أهل العلم لكن الذي مشى عليه المتأخرون: أنه ما يخالف فيه الثقة من هو أوثق منه:
وذو الشذوذ ما يخالف الثقة ... فيه الملأ فالشافعي حققه
فلا توجد المخالفة من الراوي العدل الضابط لمن هو أوثق منه، لمن هو أوثق منه إذا كان واحداً، أو أكثر عدداً؛ لأن العدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد كما قال الإمام الشافعي وغيره، فإذا خالف من هو أوثق منه، أو أكثر عدداً؛ حكم على رواية هذا المخالف بالشذوذ، ولو كان عدلاً ضابطاً مع اتصال الإسناد، وحينئذٍ يخرج من قسم الصحيح إلى قسم الضعيف؛ لأن الشاذ ضعيف، على نزاع بينهم في اشتراط انتفاء الشذوذ لصحة الخبر، فمنهم من يقول: أنه قد توجد المخالفة، قد توجد المخالفة للراوي الثقة بالنسبة لمن هو أوثق منه، ولا يحكم عليه بالضعف، ولذا يقول بعضهم: الشاذ منه الصحيح، ومنه الضعيف، ومنه الراجح، ومنه المرجوح، ويوجد صحيح وأصح، ومن نظر في الصحيحين وجد جملة من الأحاديث بهذه المثابة، فالبخاري يخرج الحديث على وجوه منها الراجح، ومنها المرجوح، وكلها في دائرة شرطه كما أخرج قصة جمل جابر على وجوه متعددة، ومختلفة، وبعضها أرجح من بعض، لكنه رجح الراجح من وجهة نظره، والمرجوح يبقى أنه من شرط الصحيح من حيث الصناعة، لكن من حيث العمل يُعمل بالراجح، ويترك المرجوح.