للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن دقيق العيد يستدرك على أهل الحديث اشتراطهم انتفاء العلة بكون الفقهاء لا يضعفون الحديث بأي علة، والعلل التي يعل بها المحدثون يصفونها بأنها علة لا تقدح من وجهة نظر الفقهاء، لكن هل المعول في هذا الباب على أهل الحديث أو على الفقهاء؟ على أهل الحديث بلا إشكال، والفقهاء تبع لهم في هذا، نعم من مباحث علوم الحديث ما يمكن إدراكه، ومنها ما لا يمكن إدراكه بمجرد النظر، ويأتي تفصيل هذا في الأبواب اللاحقة، فمن أنواع علوم الحديث ما لا يمكن إدراكه، بل هو بالنقل، وبالتلقي على الأئمة، ومنها ما يمكن إدراكه بالموازنة والنظر في الأقوال، فهذا للفقهاء فيه مدخل على ما سيأتي، لكن ما لا يدركه الإنسان برأيه وبالمناسبة يعتب كثير ممن يعاني علوم الحديث في الأيام المتأخرة على بعض من صنف أو على جميع من صنف في علوم الحديث وادخل أقوال الفقهاء والأصوليين في علوم الحديث، ويقول: ما علاقة الغزالي فيذكر رأيه؟ وسيأتي ذكره في النظم، ما علاقة الرازي بعلوم الحديث ليذكر قوله في علوم الحديث؟ قل مثل هذا في الأصوليين والفقهاء قاطبة، ما لهم علاقة في هذا الفن؛ لأنه نقل، ولا مدخل لهم، فكيف نقول: الغزالي بضاعته في الحديث مزجاة وننقل أقواله في علوم الحديث؟ هذا الكلام يكرر على ألسنة بعض الغيورين على السنة، لكن من مباحث علوم الحديث ما يدرك بالنظر، والتعليلات التي يعل بها الخبر على ما سيأتي منها ما يدرك بالنظر، يعني حينما ينسب ابن الصلاح إلى الإمام أحمد ويعقوب بن شيبة مثلاً أنهم يفرقون بين السند المأنن والمعنعن، يعني حينما يمثل ابن الصلاح عن محمد ابن الحنفية عن عمار أن النبي -عليه الصلاة والسلام- مر به، وبين قوله: عن محمد ابن الحنفية أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مر بعمار أو أن عماراً مر به النبي -عليه الصلاة والسلام- يقولون: هذا الأول متصل والثاني منقطع، والعلة في ذلك أن السند الأول روي بـ (عن) والثاني بـ (أن) لكن ألا يمكن أن يدرك مرد الخلاف اختلاف الحكم بين الطريقين بالرأي؟ نعم؟ يعني حينما نسب ابن الصلاح للإمام أحمد ويعقوب بن شيبة أنهم يفرقون على ما سيأتي في السند المعنعن، ولذا قال الحافظ العراقي: