لا لا الكلام في قريته هو، كما أنه لا يكلف أن يسافر لا يكلف الطالب أن يسافر، ما دام هو في بلده وهو متأهل والحاجة داعية إليه يأثم إذا تأخر، ولا شك أن الإقدام والإحجام كلاهما مذموم، يعني إقدام قبل التأهل أو أحجام بعد التأهل والحاجة، ولا شك أنه حرمان، والواقع يشهد بهذا الحرمان، كم من شخص تأهل ونبغ ونبل سواء كان في دراسته النظامية الرسمية، وصار الأول على دفعته أو الثاني أو الثالث، ثم تخرج فلم يزاول التعليم، يعني المسألة خمس سنوات، ست سنوات، ثم يعود عامياً، لا يحسن ولا يتقن إلا ما بين يديه من عمل، سواء كان إداري أو غيره، من الأعمال تجده يتقن الموضوعات التي تتكرر عليه في عمله، لكن غيرها ما في، لو تخرج الأول على دفعته وتعين في محكمة الضمان والأنكحة ما تتردد عليه إلا مسائل النكاح والطلاق، ونسي الأبواب الأخرى، قاضٍ في المحكمة مخصص للمعاملات ما يعرف إلا أحكام المعاملات، ولا يلبث أن يكون في غيرها من الأبواب شبه عامي وهكذا، فالتعليم والجلوس للناس لا سيما مع النية الصالحة هو الذي يضمن الاستمرار في العلم، وهو الذي يزيد في العلم، يعني مع الاستمرار الزيادة من خير، أو من أعظم وسائل التحصيل البذل، وذكروا عن واحد من أهل الحديث أنه رأى نفسه في الرؤيا مع أربعة من أقرانه في روضة خضراء، وفيها خمسة كراسي، فالأربعة كلهم يحدثون، هو لا يحدث، فجلسوا على أربعة كراسي فجاء ليجلس على الخامس فمُنع، قيل له: ماذا قدمت لتجلس؟ فمن الأهمية بمكان أن يبذل ما عنده من العلم وهذه زكاته، والعلم كما يقرر أهل العلم، ويشهد له الواقع أنه يزيد بالإنفاق منه، والواقع يشهد بهذا، يعني لو افترضنا أن شخص يعلم الناس ولا يطالع الكتب، يعني هو تأهل للتعليم ثم صار يسمع من الطلاب هذه الكتب التي يقرؤونها عليه على طريقة المتقدمين يعني كل واحد بيده كتاب، فُيقرأ في الدرس الواحد عشرين ثلاثين كتاب، هذا يستفيد مما يسمع، وهذا يغنيه عن قراءته لنفسه، وإن كانت القراءة مهمة، لكن هذا أقل المطلوب، وتجده يستفيد من هذا، ويرد على هذا، بما استفاده منه هذا، وهذا من هذا إلى أن ينهض.