. . . فدخل من دخل أي كان، لا تقم لأحد أي كان، سواء كان من الولاة، من العلماء، ممن له حق عليك أبيك أو عمك أو ما أشبه ذلك، لا تقم لأحد؛ لأن قطع الحديث أنت الآن تتكلم بكلام النبي -عليه الصلاة والسلام-، وقطعه من أجل فلان من الناس لا شك أنه إيثار لفلان على الحديث، لذلك لا تقم لاستقبال هذا القادم أي كان، مع أنه يدخل في مسألة المفاضلة بين القرب، المفاضلة بين القرب يقرر أهل العلم أن القرب مرتبة في الشرع، لكن يقد يحتف بالمفضول منها ما يجعله فاضل، لو أن الرجل مع أبيه وصل إلى باب المسجد معاً، ولا شك أن الدخول إلى المسجد أولاً أفضل، لكن كون الابن يؤثر أباه في مثل هذا أو حتى في الصف الأول، أو في القرب من الإمام يترتب عليه مصلحة أعظم من المصلحة المرتبة على القرب من الإمام، لو أن شخصاً أو من أهل العلم دخل المسجد وأنت تعلم وبينك وبينه سوء تفاهم مثلاً، نُقل إليك عنه أو نقل إليه عنك، فأردت أن تقطع الحديث وتستقبله وتنزيله منزلته ليزول ما في النفس، هذا لا شك أنه راجح، إذا كان الشخص بحيث نُزّل عن منزلته وقيل فيه ما قيل مما لا أصل له، وصار الطلاب يتناولونه، وأردت أن ترفع من شأنه ليرجع إلى منزلته؛ لأن ما قيل فيه ليس بحق، هذا أيضاً من الترجيح بأمر خارج، فلك أن تفعل، قال:
ولا تقم لأحد وأقبلِ ... عليهم. . . . . . . . .
أقبل على الطلاب بالسوية، يعني لا تخاطب واحد كل الدرس والبقية كأنهم غير موجودين، انظر إلى الطلاب على حد سواء، وعلى كل حال يقول:"وأقبل عليهم" جمعياً يعني لا تخص بعضاً دون بعض، ولا جهة دون جهة، لكن في الغالب الذين على سمت الجلسة هم الذين يحظون بالأكثر، نعم هم الذين يحظون بالأكثر؛ لأنه هو الأريح مثلاً للشيخ، فلا يعني هذا أنه أهمل من بجانبه من يمين أو شمال من أجل اختصاص من بين يديه دون غيره، لا، لهذا السبب، ولذا تجدون أكثر ما يوجه الكلام للذي أمامه، والذي يريد أن يحظا بمثل هذا يأتي، ولا أحد يمنعه، وعلى كل حال ينبغي أن يعدل الشيخ بين طلابه "وللحديث رتلِ".