ومع الأسف أننا نجد من ينتسب لهذا العلم وتجده يأخذه على التراخي، على التيسير، يعني لا يجد فيه؛ لأن الحديث هذا بحر محيط لا ساحل له، يعني من اليسير جداً أن يتخصص الإنسان في أي علم من العلوم، ويحيط بأطرافه، ويدرك جملة صالحة منه تعينه على تحصيل بقيته، أما هذا العلم فدون تحصيله خرط القتاد؛ لأنه يحتاج إلى عمر مديد، يحتاج إلى جد واجتهاد وإخلاص، وصدق لجأ إلى الله -جل وعلا- مع المتابعة، مع ما ركب في الإنسان من حفظ وفهم، الآن لو الإنسان يفني عمره في صحيح البخاري فقط، انتهى عمره ما انتهى من صحيح البخاري، يعني إذا أراد أن يدرس صحيح البخاري على الوجه الذي يرجى أن يتقنه إتقاناً تاماً، ويكون مرجع فيه ما يمكن، على صحيح البخاري ما يقرب من مائة شرح، كيف يحيط الإنسان بهذه الشروح؟ يعني شرح واحد قراءة سرد يحتاج إلى سنتين، سرد دون وقوف عند مسائله، يحتاج إلى سنتين، يعني إذا كان فتح الباري بهذه المثابة، والكرماني يحتاج إلى نصف سنة مثلاً، وعمدة القارئ تحتاج إلى مثل فتح الباري إلى سنتين، وإرشاد الساري يحتاج إلى سنة وهكذا كم؟ العمر لا شك أنه قصير بالنسبة لهذا العلم، هذا كتاب واحد، ثم إذا انتقل إلى مسلم، وعليه من الشروح ما عليه، وفيها إعواز كبير يحتاج إلى مراجعات، إلى كتب تعينه على فهم صحيح مسلم، فماذا عن بقية السنن؟ وماذا عن المسند، البحر المحيط الذي فيه أكثر من ثلاثين ألف حديث؟ ماذا عن سنن البيهقي؟ لو أن الإنسان تفرغ لسنن البيهقي ما أنجزه، تحتاج إلى وقت طويل وهكذا.