"وبالصحيحين ابدأن" إن شاء الله نشرح هذا غداً بإذن الله، ويحتاج إلى مزيد من العناية، مثل هذا الموضوع؛ لأن كثير من طلاب العلم يتخبط في الحفظ؛ لأن الآن -ولله الحمد- فُتح الباب، وسلكت الجادة، وكان طلاب العلم يحفظون الأربعين ثم العمدة ثم البلوغ، كثير منهم يقف إلى هذا الحد، يعني يندر من يتطاول على المنتقى، وأما بقية كتب الأحكام فلا تُعرف إلا في عصور متأخرة، الإلمام والمحرر وغيرهما، تقريب الأسانيد وغيره هذا ما يعرف عند كثير من طلاب العلم إلى وقت قريب، الآن -ولله الحمد- والبوادر ظهرت والنتائج ملموسة الآن، وليست على مستوى بلد معين، إنما هذا عم في جميع بلدان المسلمين، وهذه بادرة خير -ولله الحمد- كون طالب العلم لديه رصيد من النصوص فلا شك أنها يفزع إليها عند الاختلاف، عند الاختلاف إنما يرد إلى الله ورسوله، فإذا كان طالب العلم ليس عنده شيء مما يفزع إليه من النصوص كيف يصل إلى الأقوال الراجحة، ويعرف المرجوح من الراجح، ما يستطيع، لكن هذا يحتاج إلى جد، كما قال الناظم -رحمه الله-:
. . . . . . . . . . ... وجد وابدأ بعوالي مصركا
"وابدأ بعوالي مصركا" يعني ابدأ بعلماء بلدك، واحرص على الأسانيد العالية عندهم، وخذ من كل عالم ما لا يوجد عند غيره، يعني تبدأ بالأكبر، بالأعلم، ثم تأخذ عنه العلم، ثم تزيد عليه على ما أخذت عنده مما عند غيره من أهل العلم إلى أن تأتي على جميع علماء بلدك، ثم بعد ذلك تبدأ بالرحلة.
لأنه من تضييع الوقت أن ترحل لطلب العلم، وفي بلدك من يقوم بهذه المهمة؛ لأن الرحلة لذاتها ليست مطلوبة، الرحلة سفر، والسفر مشقة، والمشقة لذاتها لا تطلب شرعاً أبداً، إلا أن تأتي لتحقيق غاية، لتحقيق عبادة ما تأتي إلا بمشقة، الحج يلزم منه مشقة، المشقة ((أجركِ على قدر نصبكِ)) لكن لو أراد الإنسان المشقة التي لا تحقق غاية هذا لا يؤجر عليها.