له عناية بهذا الأمر، وصارت المسألة مسألة هواية، وليت الإنسان يخرج منها سالماً لا له ولا عليه، لكن مع ذلك قد يوجد المبرر عن جحد بعض الكتب عن بعض الطلاب الذين لا يحسنون التعامل معها.
اكتب كل شيء، "واكتب ... ما تستفيد عالياً ونازلاً" ما تقول: والله أنا ما أنا بكاتب إلا العالي، النازل ما يسوى من يكتبه، لا، قد تحتاج إلى هذا النازل فلا تجده في مروياتك، اكتب كل شيء، والبخاري وهو مضرب المثل في كتب السنة، فيه العوالي الثلاثيات وفيه النازل، فيه تساعي، مما يتساوى فيه البخاري مع الحافظ العراقي، وبينهم كم قرن؟ يعني مائتين وستة وخمسين، وهذا ثمانمائة وستة، خمسة قرون ونصف، بينهم خمسمائة وخمسين سنة في الوفاة، هل يقال: إن البخاري كتب هذا عبث؟ لا.
. . . . . . . . . ... . . . . . . . . . واكتبِ
ما تستفيد عالياً ونازلاً ... لا كثرة الشيوخ صيتاً عاطلاً
يعني أنت تهتم بالمروي؛ لأنك بصدد طلب علم الحديث، ولست بصدد طلب كثرة الشيوخ، لا يكون همك كثرة الشيوخ؛ لأنه وجد من طلاب العلم من يهتم بكثرة الشيوخ ليقال: روى عن مائة شيخ، مائتي شيخ، ثلاثمائة شيخ، أربعمائة، ألف شيخ، حتى وجد من ذكر أنه قرأ على ثلاثة آلاف وخمسمائة شيخ، هذا لو جلس عند كل شيخ يوم احتاج إلى عشر سنين، بمعنى كل شيخ يوم واحد يحتاج إلى عشر سنين، ما الذي دعاه إلى هذا؟ إنما هو مجرد الكثرة لذات الكثرة.
"لا كثرة الشيوخ صيتاً" يعني تبغي وترجو من وراء ذلك "صيتاً عاطلاً" خالياً عن الفائدة المرجوة، العلماء لهم فهارس، ولهم أثبات، فهارس للشيوخ موجودة، وبعضهم يروي عن مائة، وبعضهم مائتين، إلى أن وجد من يروي عن ألف، نعم إذا دعت الحاجة إلى ذلك، واستوعبت أحاديث شيوخ بلدك، ثم المهم فالمهم على ما تقدم، ودعتك الحاجة، أو وجد أحاديث لا توجد إلا عند فلان، لا مانع.