يبقى أنه مثلما أشرنا مراراً، وهذا لا يظن أنه تعارض، أنا أقول: من أعظم وسائل العلم اختصار الكتب، هو يختصر بنفسه، بدل من أن تقتصر على اختصار الزبيدي (التجريد الصريح)، أو اختصار الألباني -رحم الله الجميع- أو غيرهم، اختصر أنت، امسك البخاري واختصر، لن تحذف شيء إلا بعد أن استقر في نفسك أنه يمكن الاستغناء عنه، وأنت في هذا النظر وهذا التأمل هل يمكن الاستغناء عنه أو لا يمكن؟ حفظته، فإذا اختصرته أنت صار علمك بما حذفت كعلمك بما أثبت، أما إذا اختصره غيرك ويش الفائدة؟ خلاص ما تدري عن شيء أنت، ما تدري يمكن حذف أهم المواضع حذفه، وترك الأقل، يعني مثال واحد، حديث الرقاق في صحيح البخاري مائتي حديث في مائة وخمسين ترجمة، تراجم فقه البخاري، استنباطات البخاري يدعمها بالأحاديث المعلقة، يدعمها بأقوال الصحابة والتابعين التي قد لا توجد عند غيره، يترجم على هذا الحديث ويكرره في مواضع، ثم جاء المختصر واقتصر على عشرة أحاديث، هل تخرج بتصور تام من خلال عشرة أحاديث عن الباب كامل؟ ما يمكن، مستحيل، مشلول العمل، لكن عذره أن هذه الأحاديث تقدمت في أبواب أخرى، وما يدريك أن هذا الحديث الذي أنت بأمس الحاجة إليه في كتاب الرقاق تقدم في كتاب العلم أو في كتاب الوضوء، ما يصلح هذا أبداً.
وأقول: من أعظم وسائل التحصيل لطالب العلم أن يختصر الكتب بنفسه؛ لأنها تثبت بالمعاناة، يعني تفسير ابن كثير يمله كثير من طلاب العلم، حدثنا قال: حدثنا، ثم بعد ذلك سياق آخر، ثم طريق آخر، وبعدين؟ فرحوا بالمختصرات وضاع عليهم شيء كثير، شوف الآن يبي يجينا:"وبالصحيحين ابدأن" لكن ترى بداية الدرس إن صيفت ما لحقت على شيء، بداية الدرس القادم "بالصحيحين ابدأن" نشرح ذلك -إن شاء الله-، لكن إن تأخرت ترى يفوتك.