على كل حال الجرح والتعديل من أنفس ما ألف في هذا الباب، وإن قال بعضهم: إن أبا حاتم وأبا زرعة لما اطلعا على التاريخ الكبير قالا: لا ينبغي أن يكون إلا لنا وما أشبه ذلك من الكلام الذي لا يليق بالإمامين فجعل ابن أبي حاتم يسألهم عن الرجال، وذكر آرائهما فيهم، حتى قال بعضهم: إن البلاء قديم، يعني إذا وجد هذا عند هؤلاء الأئمة لا شك أن البلاء قديم، لكن يُربأ بإمامة هذين الإمامين العظيمين عن مثل هذا، نعم هناك توافق كبير بين الكتابين، لكن هناك أيضاً أحكام أبي حاتم وأبي زرعة على الرجال في الجرح والتعديل لا يوجد مثلها في التاريخ الكبير، التاريخ الكبير يشير إلى بعض ما يتعلق بالراوي ويشير إلى بعض مروياته، ويشير إلى السماع، يشير إلى العلل، كتاب عظيم، يعني لا يستغني عنه طالب العلم، لكن أيضاً كتاب الجرح والتعديل في غاية الأهمية، وهناك أوهام للإمام البخاري في تاريخه استدركها عليه ابن أبي حاتم، بيان خطأ البخاري في تاريخه، وكلٌ مجتهد، وكل مأجور -إن شاء الله تعالى-، ولا يعني أن يقول أحد: إن ابن أبي حاتم أعلم من البخاري أو شيء من هذا، يعني كما صنف الخطيب البغدادي (الموضح لأوهام الجمع والتفريق) وأكثره يتعلق بالبخاري، يجعل الاثنين واحد أو الواحد اثنين، لكن قدم له بمقدمة يعني تدل على إمامته، الخطيب -رحمه الله-، وعلى طالب كل علم أن يطلع على هذه المقدمة؛ لأنه ونحن ننظر أن هذا الكتاب انتقادات للأئمة، البخاري ومن في مقام البخاري، نقول: إن الخطيب يقدح في البخاري أو يقدح في هؤلاء الأئمة، أو يرى أنه أعلم منهم، أبداً، قال: ما عشنا إلا على فتاتهم، وما نحن بالنسبة لهم إلا كالبقل الصغير بالنسبة إلى النخل الطوال، يقول: من أين جاءنا العلم إلا منهم؟ يعني كون الإنسان ينتقد لا يعني أنه أعلم من المنتَقد.