بعضهم فضل النزول، لكنه ليس من أهل هذا الشأن، ما في أحد من المحدثين فضل النزول إلا بمرجح آخر، إما لذات النزول يعني الرواة في السند العالي بمنزلة الرواة في السند النازل ما في أحد من أهل الحديث يفضل النازل على العالي، وقيل للإمام علي بن المديني في مرض موته ماذا تشتهي؟ قال:"بيت خالي وإسناد عالي".
والناس في عصرنا هذا حتى من طلاب العلم لا يطيق البقاء في مكان خالٍ، لا بد أن يبحث عن من يؤنسه، وذلكم سببه كون كثير من الناس لا إلف له بالأنس بالله -جل وعلا-، ولا اعتاد الذكر مع الخلوة، والله المستعان، بيت خالي وإسناد عالي، قال:"وقد ... فضل بعض النزول" الذين فضلوا النزول هم من أهل النظر، يعني بعض الفقهاء وبعض المتكلمين قالوا: إن النزول أفضل، والسبب أن النزول عند دراسته يحتاج من المشقة والتعب والعناء أكثر من العلو، يعني إذا كان الإسناد ثلاثي يمكن أن تدرس الإسناد بنصف ساعة، وإذا كان تساعي تحتاج إلى ثلاثة أضعاف هذا الوقت، والأجر على قدر النصب، الأجر على قدر التعب، فهو أفضل هذه حجة من يفضل النزول.
يقول الحافظ العراقي وغيره من أهل العلم: أن المشقة لذاتها ليست من مقاصد الشرع، ونظير ما ذكر هنا يقول: نظير من يذهب إلى المسجد مع الطريق الأبعد تحصيلاً لكثرة الخطا ولو فاتته الجماعة، ولو فاتته الجماعة، واضح التنظير؟ نعم.
يقول: الآن العلو مفضل عند أهل العلم، عند أهل الحديث، والنزول مفضل عند من لا صلة له بعلم الحديث، وما تلذذوا بتحصيل العوالي ولا رحلوا من أجلها، أقول: لا، تدرس إسناد عالي بمدة تحتاج إلى ضعفها أو أكثر في الإسناد النازل، يقول الحافظ العراقي: نظير هذا من يذهب إلى المسجد لأداء الصلاة مع الطريق الأبعد لتحصيل أجر الخطا أكثر، ولو ترتب على ذلك فوات الجماعة، أيهم أفضل؟
طالب:. . . . . . . . .
بلا شك، لا إشكال ولا مقارنة، ولو قيل: إنه إذا ذهب مع الطريق الأبعد لا أجر له، قدر زائد على الطريق الأدنى؛ لأن هذه المشقة وهذه الخطا لم تطلب لذاتها وليست غاية، إنما طلبت تحصيلاً للهدف والغاية التي هي الصلاة.