يقول ابن حجر في فتح الباري:"الأخبار التي تشاع وإن كثر ناقلوها فإنها لا تفيد العلم ما لم يكن مستندها الحس" قال هذا في إشاعة دخلت بيوت المدينة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- طلق نساءه، لما اعتزل، آلى من نسائه شهراً واعتزل في المشربة، هذه جعلت لهذه الإشاعة قبول، جعلت للإشاعة قبول وأرضية تجعل الإنسان يعني ما دام اعتزل وترك نساءه، وأشيع في المدينة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- طلق نساءه وجدت قبول، فصار كل البيوت تتحدث أن النبي -عليه الصلاة والسلام- طلق نساءه، لكن هذا يفيد العلم؟ عمر -رضي الله عنه- لما دخل ووجد الناس حول المنبر، وكل من سأله هل طلق النبي -عليه الصلاة والسلام- نساءه؟ قال: نعم، فذهب إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- في مشربته واستأذن مرتين، وأذن له في الثالثة، فدخل وتبين له أنه ما طلق نساءه، إنما آلى من نسائه شهراً، لذا مثل هذه العلوم وهذه الأمور وهذه الأخبار التي تشاع ولو دخلت جميع البيوت، يعني هل سمع النبي -عليه الصلاة والسلام- يتلفظ بالطلاق؟ ما سمع، وليس مستنده الحس، إنما مستنده إشاعات مبنية على قرائن لا تقوى إلى ثبوت مثل هذا الخبر.
. . . . . . . . . ... ومنه ذو تواتر مستقْرا
الاستقراء: التتبع، ومنه التام لجميع جزئيات المسألة، ومنه الاستقراء الناقص، والمفيد منه التام، "مستقرا ... في طبقاته" يعني في جميع طبقات الإسناد يتوافر هذا الشرط "كمتن (من كذب) " يعني قالوا: من علامة بلوغ الخبر، أو بلوغ العدد، هم ما يشترطون عدد معين، إذن متى يبلغ الخبر التواتر؟ قالوا: الخبر ينمو في النفوس كنمو النبات، وبلوغ الحلم، يعني ما في فرق بين اليوم وأمس، اليوم مكلف وأمس ما أنت مكلف، يعني يمشي ويجري إليه بهدوء إلى أن يصل إلى الحد الذي تجد نفسك ملزمة بهذا الخبر، وإلا ما في عدد، قالوا: إن الخبر لا يكون متواتراً حتى يبلغ ذلك العدد، ولا يبلغ ذلك العدد المطلوب للتواتر إلا إذا أفاد العلم، قالوا: هذا يلزم عليه الدور.