والفقهاء كلهم يستعمله ... والعلماء الجل منهم يقبله
وهو بأقسام الصحيح ملحق ... حجية وإن يكن لا يلحق
فإن يقل: يحتج بالضعيف ... فقل: إذا كان من الموصوف
رواته بسوء حفظ يجبر ... بكونه من غير وجه يذكر
وإن يكن لكذب أو شذا ... أو قوي الضعف فلم يجبر ذا
ألا ترى المرسل حيث أسندا ... أو أرسلوا كما يجيء اعتضدا
والحسن: المشهور بالعدالة ... والصدق راويه، إذا أتى له
طرق أخرى نحوها من الطرق ... صححته كمتن لولا أن أشق
إذ تابعوا محمد بن عمرو ... عليه فارتقى الصحيح يجري
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد فيقول الناظم -رحمه الله تعالى-: "القسم الثاني: الحسن" الحسن: من الحُسن ضد القبح، من الحسن ضد القبح، فإذا كان الكذب قبيحاً، فإن الصدق حسن، قد يقول قائل: إن الصحيح أولى بهذه التسمية من الحسن، لكن إذا قلنا: إن هذا القسم حسن، فلنقل في ذاك أحسن، إذا قلنا في هذا القسم: حسن، فهناك ما هو أقوى من هذه اللفظة للصحيح، فهو أحسن، والكذب قبيح يقابل الحسن، الحسن لما كان في مرتبة متوسطة بين الصحيح والضعيف بحيث لا يمكن ضبط هذا التوسط؛ اختلف العلماء في تعريفه اختلافاً كبيراً؛ لاختلاف تقديرهم للقدر الذي يتجاوز عنه في شرط الصحيح، لا شك أن الحسن اختل فيه شرط تمام الضبط؛ فإلى أي حد يقبل الضبط المتوسط؟ لأن هذه أمور معنوية، ويصعب قياسها، يصعب قياسها، فمثلاً إذا قلنا: إن هذا الراوي يروي ألف حديث، وأخطأ في مائة حديث؛ العُشر، هذا لا شك أن ضبطه أخف ممن يضبط تسعمائة وتسعين حديث، ويخطئ في عشرة، وإذا قلنا: إن بعض الرواة يخطئ في مائة، وبعضهم يخطئ في مائة وخمسين، هذا يضبط تسعمائة، وذاك يضبط ثمانمائة وخمسين، لكن الذي يخطئ في المائة يخطئ في الأحاديث الطويلة من مروياته، يخطئ في المرويات الطويلة، والذي يخطئ في مائة وخمسين؛ أخطأ -ما نقول يخطئ- أخطأ في مائة وخمسين، وضبط ثمانمائة وخمسين بما فيها الطوال، أمور لا يمكن قياسها ليست أمور محسوسة تقاس بالمتر، وإلا بالكيلو، وإلا بالصاع ما هي .. ، هذه أمور معنوية.