ابتداءً لا بسبب معاشرته ومخالطته للمريض، قوله:((فمن أعدى الأول؟ )) دليل على أنه لا عدوى البتة، والأمر بالفرار والنهي عن الإيراد إنما هو من باب سد الذريعة، وحفظ هيبة النص؛ لأنه إذا وقع في نفسه أن المرض انتقل من المريض إليه مع أنه يعرف أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال:((لا عدوى)) قد يقع في نفسه شيء من الخلل؛ لأن الحديث خالف الواقع عنده، فيقع في نفسه إنكار الحديث أو الشك فيه، مع أن الحديث مجمع على صحته، فالنهي عن الإيراد والأمر بالفرار من هذه الحيثية.
منهم من يقول:((لا عدوى)) هذا عام في جميع الأمراض إلا في الجذام خاصة، فالجذام ينتقل؛ لأنه قال:((لا عدوى)) يعني في جميع الأمراض، فر من المجذوم إلا في الجذام؛ لأنه ينتقل، وعلى كل حال الأطباء يثبتون هذه العدوى، لكنهم يقولون -المسلم منهم يقول-: إنها بتقدير الله -جل وعلا-، فجعل المخالطة سبب، والمقدر والمسبب هو الله -جل وعلا-، هذا يفهم من الأمر بالفرار، وأيضاً النهي عن الإيراد، وهذا عليه جل الأطباء الآن، جل الأطباء، تجدهم يحتاطون لأنفسهم ولغيرهم إذا أرادوا أن يباشروا مريضاً تجد الحوائل والأسباب تبذل، الكمامات والدساسات، يحتاطون لذلك، تجدهم يطهرون ويعقمون، ومع ذلك يصابون، يعني لا يظن أن الإنسان إذا بذل هذه الاحتياطات في منأىً عن الإصابة.