روى الصحابة عن بعض التابعين، وهذا موجود، ولذلك مثل قال:"ومنه أخذ الصحبِ" منهم العبادلة، وأبو هريرة، حتى ذكروا عمر أيضاً ممن أخذ عن التابعي ككعب الأحبار، أصله يهودي، جاء من اليمن أسلم في خلافة أبي بكر، ثم وفد في خلافة عمر -رضي الله عنه-، الصحابي لا شك أنه أعظم قدراً من كعب، وإن قُدر أن بعضهم أصغر منه سناً ممن أخذ عنه من الصحابة، فهذا النوع من أنواع علوم الحديث موجود في كتب السنة، أخذ صالح بن كيسان عن الزهري وهو أكبر منه سناً، ويعد من كبار الآخذين عن الزهري، صالح بن كيسان تأخر في الطلب، حتى ذكر بعضهم أنه في بداية طلبه لعلم الحديث أنه قد بلغ التسعين من العمر، تسعين، فلا يأس حينئذٍ بعض الناس إذا وصل الثلاثين قال: ما بقي من العمر كُثر ما مضى، ما يمدينا خلاص، فات القطار، لا ما فات لو بقي يوم واحد يطلب العلم، هذا صالح بن كيسان يعني أقل ما قيل في عمره في بداية الطلب الخمسين أو الستين، يعني بعضهم قال: خمسين، وبعضهم قال: ستين، وواصل إلى التسعين، تسعين سنة وهو يطلب العلم، نعم أدركنا كبار في السن في السبعين والثمانين يجلسون مع الشباب الصغار دون العشرين بين يدي الشيوخ، ومع ذلك يحصل لهم من الثواب والأجر ما يحصل، وإن حصلوا مع ذلك علم، فهذا هو المطلوب وإلا هذا لا يضيره؛ لأن على الإنسان أن يبذل السبب، كونه يكون عالم، أو لا يحصل شيء من العلم كبعض الكبار، وبعض الصغار أيضاً، يلازم الشيوخ عقود، ثم بعد ذلك في النهاية يحصل له أجر سلوك الطريق، يلتمس فيه العلم، ويحصل له -إن شاء الله تعالى- ما وعد به من تسهيل طريق الجنة، وأما العلم فلا يلزم، حضر معنا عند بعض الشيوخ أيام كنا في المتوسط في الثانوي يعني شخص يكبر الشيخ بسنين كثيرة، يعني في ذلك الوقت يزيد عن السبعين عمره، ويُسأل بعد الدرس أو في بعض المناسبات فيذكر أنه ليس له من ذلك إلا أجر الحضور، وإلا فمثله مثل الزنبيل يوضع في الماء -هو يقول عن نفسه- ما دام في الماء فهو مليان، لكن إذا رفع عن الماء يقول: إذا وصلت عند الشيخ أعرف كل شيء، ثم بعد ذلك إذا رفع عن الماء ما بقي شيء، هذا تمثيله لنفسه، ومنهم من أدرك طلب العلم وهو كبير وأدرك خيراً كثيراً،