يقول -رحمه الله تعالى-: "وقد روى الكبير" وقلنا: إن الكبر قد يكون في السن وهذا هو الكثير الغالب، وقد يكون في القدر، وقد يكون فيهما معاً، سُئل العباس -رضي الله عنه- قال: أيكما أكبر أنت أم رسول الله؟ فقال: هو أكبر مني، يعني قدراً، وأنا أسن منه، يعني في السن، يعني ولدت قبله، وبعض الروايات يقول: وقد ولدت قبله، نعم، فالكبر يطلق على السن كما يطلق على القدر، وهل يجمع بينهما في خبر واحد؟ بأن تقول: جاء الكبير الصغير؟ الكبير في القدر، الصغير في السن، وقد يكون العكس، لكن هل يجمع بينهما في خبر واحد؟ هذا يقولون: إنه من التنافر اللفظي، الذي يخل بالفصاحة، ويخل بالبلاغة، تنافر لفظي، كما منعوا إطلاق المتصل على المقطوع، ما تقول: هذا متصل مقطوع، تقول: هذا متصل مرفوع، يعني إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، وتقول: هذا متصل موقوف يعني على الصحابي، لكن ما تقول: هذا متصل مقطوع، وإن كان الواقع كذلك، بمعنى أنه ليس في الإسناد خلل إلى هذا التابعي، الذي أضيف إليه، وتسميته مقطوع باعتبار أنه مضاف إلى التابعي، هذا تنافر قالوا، ما يدخل المقطوع في المتصل لهذا وإلا ما في ما يمنع يعني إذا وجدنا كلاماً لسعيد بن المسيب، أو الحسن البصري بسند متصل وباعتبار إضافته إلى التابعي يقال: مقطوع، لكن لاتصال إسناده يقال: المتصل، وهذا كله بناء على انفكاك الجهة، فإذا فهم السامع ما في مانع، لكن قد لا يفهم السامع، {فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ} [(٤) سورة الحج] هل هذا من هذا النوع؟ لا أبداً؛ لأن السامع يفهم، وأيضاً يهديه إلى ... نعم؟ عذاب السعير، وإلا لو قطعنا فإنه يضله ويهديه قلنا: فيه شيء من التنافر، لكن يضله عن الصراط المستقيم، ويهديه إلى عذاب السعير، فإذا عرف المستمع وما صار عنده إشكال فلا مانع من أن يقال: جاء الكبير الصغير، لا سيما إذا كان حاله لا تخفى على السامع، يعني يراه صغيراً في سنه وقدره كبير، كما يقال: جاء الطويل القصير، قد يكون طويل في قامته، قصير في عمره أو العكس، فمثل هذا إذا كان لا يخفى على السامع، ولا يوقع في لبس فلا إشكال فيه.