محمد بن السائب الكلبي "حتى أبهما" يعني وقع في إشكال وإبهام لا يمكن أن يوصل إلى حقيقته، إذا سُمي حماد مثلاً واسمه محمد كيف تعرف أنه الكلبي هذا محمد بن السائب؟ ومرة يكنى بغير كنيته، ومرة يؤتى به على وجوه متعددة، في مرار متعددة، المقصود أن مثل هذا تدليس وإن لم يكن مثل تدليس الإسقاط إلا أنه إذا وصل إلى حد يستغلق على الواقف الوقوف على حقيقته فإنه لا سيما إذا كان الراوي ضعيفاً فإنه في حكم تدليس الإسقاط، فإذا قال لك: حدثني أبو صالح الشيباني يقصد بذلك؟ الإمام أحمد، وهو معروف بأبي عبد الله، نعم صالح أكبر من عبد الله وتكنى بأبي عبد الله، وقد يكون له ابن اسمه عبد الله قبل صالح توفي صغير أو شيء من هذا، أو لأنه لا يرتضي منهج صالح لدخوله في القضاء، فتكنى بأبي عبد الله، فتكنيته بغير ما لم يشتهر به هذا تدليس، قد يقول قائل: إن هذا النوع من التدليس وقع فيه الإمام البخاري، وذلك حينما روى محمد بن يحيى بن خالد الذهلي، أو ابن خالد بن يحيى نسيت الآن، الذهلي شيخه، إمام من أئمة المسلمين، لكنه ولا في موضع واحد سماه باسمه الصريح، قد يقول: حدثني محمد، وقد ينسبه إلى جده، وقد يكنيه المقصود أنه ما نسبه باسمه الكامل صراحة ولا وفي موضع من مواضع الصحيح، ولذا قال صاحب الخلاصة لما ترجم للذهلي قال: أخرج له البخاري ويدلسه، مع أن الإمام البخاري من أبعد خلق الله على التدليس، بل صرح ابن القيم بأنه أبعد خلق الله عن التدليس، مع أن مثل هذا الإطلاق لا ينبغي، لكن لو قال: من أبعد خلق الله أصاب، المقصود أن البخاري حمله على ذلك لا للإغراب ولا لتعميته ولا لشيء من ذلك، ولا لأي مقصد من مقاصد المدلسين، وإنما كان بينه وبين الذهلي خلاف في مسألة اللفظ بالقرآن هل اللفظ بالقرآن مخلوق وإلا غير مخلوق؟ هذه مسألة اختلف فيها البخاري مع الذهلي، وتحامل الناس على البخاري بسبب قناعتهم بالذهلي واقتدائهم به، الذهلي إمام ما أحد يشك في إمامته، فصار أن البخاري -رحمة الله عليه- خالفه في هذه المسالة، ولإمامة الذهبي ما ترك البخاري الرواية عنه؛ لأنه إمام، ولمخالفته له في مسألة اللفظ ما صرح به لئلا يظن أنه يوافقه، هذا هو السبب، وهنا يقول: