ومثلما ذكرنا مراراً أنك لا يمكن أن تجد راوي مطابق لراوي من جميع الوجوه، أو مجموعة من الرواة يروون مجموعة من الأحاديث مطابقون لمجموعة من الرواة يروون أحاديث أخرى، لا بد من التفاوت، لا بد من التفاوت، وإذا كان الراوي الواحد الراوي الواحد يتفاوت في بعض أحواله عن بعض، فخلق الإنسان هذا المخلوق العجيب الدال على قدرة الخالق، يعني لو أن إنساناً تأمل في نفسه، يعني المصانع تخرج المصنوعات على هيئة واحدة، تصنع مئات الملايين من هذا المصنوع ما تجد بينها اختلاف، ما تجد بينها اختلاف، لكن الخالق -جل وعز- هذه المخلوقات العجيبة الدقيقة التي لا يمكن أن تتطابق بوجه من الوجوه، يعني كون الصانع يصنع أشياء كثيرة على وجه واحد ليس بعجيب يعني، لكن كونه يصنع ألوف مؤلفة كل واحد له ميزة، وكل واحد له خصيصة، وكل واحد يستفاد منه في وجه لا يستفاد منه في وجه آخر، يستفاد منه في غير ما يستفاد من غيره في هذا الوجه، هذه قدرة، {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [(٢١) سورة الذاريات]، ولذلك ما يمكن أن تجد رجلين متطابقين من كل وجه، وقل مثل هذا في الرواة، فإذا كان الرواة بهذه المثابة، بعضهم أوثق من بعض، يعني بعضهم تعطيه من الضبط والحفظ والإتقان تسعة وتسعين بالمائة، وبعضهم ثمانية وتسعين ثم تنزل النسبة إلى أن يصل إلى عشرة بالمائة، يعني لو أراد الإنسان أن يختبر أولاده مثلا، يختبر أولاده سهل الاختبار أنت عارف هذا ضابط وهذا غير ضابط، اجلس في يوم العيد مثلاً وأنت رجل معروف ومشهور واترك الناس يأتون ليهنئوك بيوم العيد أو في يوم عزى ويعزونك، ويدخل عليك في هذا اليوم يطرق الباب مائة مثلاً، افتح الباب يا ولد، فتح الباب من بالباب؟ فلان، صادق هو ما عنده إشكال، وبالفعل فلان، افتح الباب للثاني، الثالث، العاشر، المائة ثم اسأله من الغد من جاء بالأمس؟ هل يكون خبر الأولاد على وتيرة واحدة، يمكن بعضهم يخبرك بتسعين واحد من المائة وبعضهم لا يستطيع يستحضر ولا عشرة، ظاهر موجود وإلا ما هو موجود؟ الآن عندكم أنتم فيما بينكم في حفظكم وتمييزكم وفهمكم تباين كبير، وذلك فضل الله يأتيه من يشاء، لكن يبقى أن هذه نعم تحتاج إلى شكر، يعني الذي يحفظ