فيقول الناظم -رحمه الله تعالى-: "تواريخ الرواة والوفيات" تواريخ جمع تاريخ على التخفيف، وقد تكون الهمزة محققة فيقال: تآريخ كما يقال: تأريخ؛ لأن مادة الكلمة أرخت الكتاب بالهمز وورخته، والمراد بالتاريخ الوقت، الوقت هذا في الأصل، والتاريخ معروف، كل أمة لها تاريخ تؤرخ به، وهذه الأمة سبب التاريخ، الحاجة ليست داعية في أول الأمر لقرب العهد، ووجود من يحفظ الأخبار بدقة، ثم بعد ذلك جاء شخص إلى عمر -رضي الله عنه-، وقال: إن معه صك فيه دين على فلان غايته شعبان، فقال له عمر: شعبان الماضي أو القادم؟ ما في ما يدل على ذلك، يعني ما في بيان للتاريخ، السنة غير مبينة، ما يوجد التاريخ إلى الآن، فأمر عمر -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- بوضع التاريخ، واعتماد التاريخ، ثم اتفق الصحابة على أن تكون السنة بالسنوات الشمسية لا القمرية، هذا موجود في بعض البلدان التي تزعم أنها تنتسب إلى الإسلام، تؤرخ بالسنة الهجرية الشمسية لا القمرية، فتجد في تواريخهم الآن نحن في كم؟ ألف وثلاثمائة يمكن وخمسة وتسعين أو شيء من هذا، وبعض البلدان خرجت عن إجماع الأمة، وهذا قريب، جعلوا بداية السنة من ربيع، مع أن الصحابة اتفقوا على أن بداية السنة شهر الله المحرم، على كل حال اعتمد هذا التاريخ، وجرت عليه الأمة إلى أن كثر اختلاط المسلمين بغيرهم، ثم صاروا يقرنون تاريخ المسلمين بتاريخ الكفار، فيكتبون تاريخين، تاريخ للمسلمين وتاريخ لغيرهم، استمر الأمر على ذلك مدة إلى أن رأوا الاستغناء عن تاريخهم واكتفوا بتاريخ أعدائهم؛ لأنهم ارتبطوا بهم واشتبكوا بهم، فالمعاملات المالية كلها مرتبطة بالأعداء، فاضطروا أن يلغوا التاريخ الإسلامي، ويعتمدوا التاريخ النصراني.