الاختلاط: هو التغير، تغير الرأي، تغير العقل، تغير الحفظ، بأن يكون حافظاً ضابطاً في أول عمره وفي أثنائه ثم يطرأ عليه بسبب أو بغير سبب ما يجعل هذا الحفظ يذهب إما بالكلية أو يسوء بحيث لا يضبط غالب ما يحدث به، وسبق أن ذكر أهل العلم في العالم متى يكف عن التحديث، منهم من جعل الثمانين حد:
أن الثمانين وبلغتها ... قد أحوجت سمعي إلى ترجمانِ
المحدث إذا وصل الثمانين يقف، ومنهم من يقول: قبل ذلك، ومنهم من يقول: بعد ذلك، وليس على ذلك بالتحديد أو بتحديد سن معينة دليل يصح، بل الواقع يشهد أن على المحدث وعلى من يمكنه منعه أن يمتنع أو يمنع إذا بدأ في التغير، إذا بدأ في التغير يجب عليه أن يكف عن التحديث، يجب أن يُكَف إذا لم يَكُف عن التحديث؛ لأن الحديث والعلم دين، ما يترك لمن تغير رأيه ونسي ما حفظه أن يتكلم بما يضبط وما لا يضبط، والله المستعان.
بعض الناس لأدنى سبب يتغير، وبعضهم مع مرور الوقت ينتهي إلى سن معينة، ثم يبدأ بالضعف إما في جميع القوى بالتدريج، كالسمع والبصر والبدن والعقل والرأي تدريجياً، تبدأ تضعف هذه الأمور، ومنهم من يكون ضعفه فيه شيء دون شيء، لكن الذي يهمنا من ضعفه في عقله وحفظه وضبطه، فإذا بدأ في التغير يجب عليه أن يكف عن التحديث، ويجب أن يضبط هذا التاريخ ليعرف الحد الفاصل لهذا التغير فيقبل ما حُمل عنه قبله، ويرد ما حمل عنه بعده، ويتوقف فيما يشك فيه.