قال الإمام الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى- في منظومته البديعة الشهيرة المسماة بـ (ألفية العراقي) غفر الله له ولجميع علماء المسلمين وجازاهم خير ما جازى عالماً عمن دعوهم إلى السنة.
قال -رحمه الله تعالى-:
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول راجي ربه المقتدرِ ... عبد الرحيم بن الحسين الأثري
من بعد حمد الله ذي الآلاء ... على امتنان جل عن إحصاء
ثم صلاة وسلام دائمِ ... على نبي الخير ذي المراحمِ
فهذه المقاصد المهمهْ ... توضح من علم الحديث رسمه
نظمتها تبصرة للمبتدي ... تذكرة للمنتهي والمسندِ
لخصت فيها ابن الصلاح أجمعه ... وزدتها علماً تراه موضعه
فحيث جاء الفعل والضميرُ ... لواحد ومن له مستورُ
كـ (قال) أو أطلقت لفظ الشيخ ما ... أريد إلا ابن الصلاح مبهما
وإن يكن لاثنين نحو (التزما) ... فمسلم مع البخاري هما
والله أرجو في أموري كلها ... معتصماً في صعبها وسهلها
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "بسم الله الرحمن الرحيم" ابتدأ -رحمه الله تعالى- بالبسمة إتباعاً للقرآن الكريم، وعملاً بحديث:((كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم أقطع)) والحديث مضعف عند أهل العلم، وله طرق، وله ألفاظ مختلفة محكوم على جميعها بالضعف، بجميع طرقه وألفاظه عند جمع من الأئمة، وأثبت بعضهم رواية: الحمد، وجعلها من قبيل الحسن، وعلى كل حال فيما جاء في كتاب الله -جل وعلا- من افتتاح بالبسملة والحمدلة ما يجعل الأمر مشروعاً، وبعض الناس إذا اطلع على أمر من الأمور وقد ورد فيه حديث قد ضعف حكم على الأمر بأنه مبتدع؛ لأن عمدته حديث ضعيف، وقد خفي عليه من الأصول التي يعول عليها في إثبات مثل هذا ما يخفى، فالعلماء قاطبة عولوا على الاقتداء بالقرآن، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يكتب البسملة في رسائله، ويفتتح الخطب بالحمدلة، وهذا معروف في الشرائع السابقة، ففي رسالة سليمان -عليه السلام- لبلقيس، جاءت الرسالة:{إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [(٣٠) سورة النمل]، فافتتح بالبسملة.