"ومن عليها" يعني على الكتب الخمسة مجتمعة أو مفرقة، "وَمَنْ عَليها أطْلَقَ الصَّحِيْحَا" أما الصحيحان لا إشكال، وما ضاع البحث فيهما وأن جميع ما فيهما صحيح، "ومن عليها"، أما بالنسبة للصحيين فعرفنا منزلة الصحيحين، يبقى النظر في السنن، قال الصحاح الستة، أو كتب الإسلام، الأصول الخمسة كلها صحيحة، كل ما فيها صحيح، أو كلها صحيحة، كما قال الحافظ أبو طاهر السلفي في رسالته التي أملاها على مقدمة شرح الخطابي معالم السنن، ذكر أنها صحيحة، الأصول الخمسة، وذكر أن أصولها صحيحة في موضع قال: أصول هذه الكتب صحيحة، وقال مرة: أحاديثها صحيحة، فرق بين العبارتين كون أصل الخبر صحيح، غير كون لفظه صحيح، وقد يكون الحديث في السنن وفيه كلام، وأصله في الصحيحين، هذا لا يلزم منه صحة الفرع صحة الأصل لا تعني صحة الفرع، على كل حال كلامه فيه تجوز وتساهل، ومنهم من أطلق على سنن أبي داوود والترمذي صحيح أبي داود وصحيح الترمذي، ومنهم من قال صحيح النسائي، ومنهم من قال صحيح الترمذي على جهة الإفراد، المقصود أن من أهل العلم من أطلق على السنن الصحاح، وهذا فيه تساهل، تساهل شديد صريح كما قال الناظم:"ومن عليه أطلق الصحيحا فقد أتى تساهلاً صريحاً" وفيها الصحيح وهو كثير، وفيها ما دونه من الحسن، وفيها الضعيف، فلا يليق إطلاق الصحيح على هذه الكتب؛ لأن فيه تغريراً للقارئ، القارئ إذا سمع صحيح أبي داوود أو صحيح الترمذي أو صحيح النسائي، قد يغتر يعمل بجميع ما فيها إذا لم تكن لديه أهليه ولا خبرة، لكن من ميز أحاديث هذه الكتب، وجعل الصحيح على حدة، والضعيف على حدة، يحق له ويليق به أن يقول صحيح أبي داود وضعيف أبي داوود، لكن الكلام فيمن أطلق على سنن أبي داود بعجره وبجره صحيح أبي داود، أو وقل مثل هذا في الترمذي والنسائي، هذا تساهل أما من ميز الصحيح من الضعيف، وجعل الصحيح وتساهل في إدخال الحسن في الصحيح، هذا مقبول في الجملة؛ لأن من الأئمة السابقين من يجعل الحسن من أقسام الصحيح.
س/ هذا يقول ألا يكفي للرد على البغوي في تقسيمه للصحاح والحسان أن أبا داود نص على أنه ذكر الضعيف الشديد في كتابه وبين هذا؟