النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال من قال: إن الموسيقى فعلت بحضرة الشيخ فلان وما أنكر، والطبول فعلت بحضرة فلان من الناس، لا ينسب قولاً له، لماذا؟ لما يعتريه من تقدير مصلحة راجحة في هذا الظرف؛ لأنه قد يكون في جعبته منكر عظيم جداً يريد أن ينكره على هذا، فلو أنكر عليه منكره الخفيف بالنسبة للمنكر الشديد يمكن فاته الكبير، أو بعد حمل في نفسه عليه شيء، ورده رداً يمكن ما يقبل منه شيئاً بعد ذلك، فالمسألة مسألة مصالح ومفاسد، والتقرير لا ينسب لغير النبي -عليه الصلاة والسلام-، يعني هل نستطيع أن نقول: من مذهب أبي هريرة الجلوس في المقبرة قبل أن توضع الجنازة لأنه أقر مروان أو سكت على مروان؟ لا، عنده مصلحة راجحة، ولكن جاء أبو سعيد وأنكر أخذ بيديه، أنكر بالفعل، والناس يتفاوتون في تقدير هذه الأمور، إلى يومنا هذا وبعض الناس تفوت المصالح وهو ينتظر مصلحة، وبعض الناس يرتكب مفاسد وهو يقدر مصلحة، لكن المصلحة بنظر من؟ المسألة مصلحة الدين والأمة بمجموعها، أما مصالح خاصة لا ينظر إليها، المقصود أن مثل هذا التقرير لا يعلق عليه ولا يرتب عليه حكم، هم غير معصومين من جهة، الأمر الثاني: أنهم قد يسكتون لتقدير مصلحة راجحة، أو خشية مفسدة، لكن قد يأتي من يرتكب العزيمة بغض النظر عن أي مصلحة؛ لأن هذه مفسدة محققة في تقدير الثاني، مفسدة محققة، والمصلحة المرجوة، أو المفسدة المخوفة مظنونة، وكثير ممن يناقش في بعض المسائل يقول: ما تدرون عن شيء، أحنا ندرأ مفاسد أعظم، فلا شك أنهم أعرف بهذه الأمور، وأكثر تقديراً للمصالح والمفاسد، لكن يبقى أن بعض المفاسد مظنونة، وقد تكون من تسويل الشيطان وتثبيطه، على كل حال التقرير لا يمكن أن ينسب إلا إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه هو الذي لا يَقر ولا يُقر على خطأ.