هذا الحديث ذكرت أني نسيته في الدرس الماضي من درس الألفية، وأن ابن عباس قال: هكذا أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقلت: يحتمل أنه أمرهم بأمر خاص في المسألة بعينها، ويحتمل أنه أخذه من أمر عام يندرج فيه هذا الأمر الخاص، والإخوان أبدوا احتمالات بعضهم يجزم وبعضهم يستظهر، وهذا ذكر حديث لكن الحديث الذي أريده حديث في صحيح مسلم قصة كريب مولى ابن عباس لما صام مع معاوية والناس يوم الجمعة، وهم في المدينة لم يصوموا إلا السبت لم يصوموا إلا السبت، فلما جاء إلى المدنية قال: صمنا مع معاوية والناس الجمعة قال ابن عباس: إنا لم نراه، وقد أمرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك، أخذ منهم من أخذ، واستدل بالحديث من يقول باختلاف المطالع، والحديث نص في اختلاف المطالع، وأن لأهل الشام رؤية غير رؤية أهل المدينة، وإلا لو كانت الرؤية واحدة للزم الناس كلهم الصوم، فأخذ بهذا الخبر من قال باختلاف المطالع، وابن عباس قال هكذا أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فيحتمل أنه سمع أمراً خاصاً من النبي -عليه الصلاة والسلام - في هذه المسألة بعينها، وأنه إذا رآه أهل بلد أو إقليم بحيث لا يرى في غيره من الأقاليم أن لكل أهل بلدٍ رؤيتهم، ويحتمل أنه أخذه من عموم قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته))، والحديث محتمل أن يكون خطاباً للأمة بكاملها وحينئذ تتحد المطالع بحيث لو رئي في المغرب لزم أهل المشرق والعكس، ويحتمل أنه ممن تتأتى منه الرؤية في البلد الذي تتأتى في الرؤية، أما البلد الذي لا تتأتى فيه الرؤية، ولا تمكن رؤيته فيه حيث أن الهلال لم يولد ولم يخلق في هذا البلد، هذا الحديث محتمل للأمرين، ولذا يرى أهل العلم مع علمهم بحديث ابن عباس وقصة كريب وهم من أهل التحقيق وهم من أهل الأثر يرون أن المسألة فيها سعة وأن الأمة على مدى أربعة عشر قرناً ما حصل بينهم خلاف في هذه المسألة وأن لكل رؤيته، سواء قيل باتحاد المطالع أو باختلافها فالحديث يحتمل، وقول ابن عباس هكذا أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحتمل أنه استنبطه من هذا الحديث الذي يدل على القولين معاً، أن صوموا لرؤيته يحتمل أن يكون خطاباً للأمة