الشافعي -رحمه الله- لما رد مراسيل التابعين علل ذلك بأنهم أشد تجوزاً، لما رد المراسيل لصغار التابعين؛ قال: لأنهم أشد تجوزاً فيمن يروون عنه، يعني صغار التابعين ما هم في التحري، والتثبت مثل كبار التابعين الذين كثرت مخالطتهم للصحابة، أما الصغار الذين رأوا الواحد، والاثنين، والثلاثة من الصحابة؛ هؤلاء طال بهم العهد، والمعروف أنه كلما طال العهد بالنبوة؛ كثر التساهل، كثر التساهل، فالكبار الذين عاصروا الصحابة، وكثرت مخالطتهم للصاحبة؛ كبارهم، وصغارهم -يعني الصحابة- أشد تحرزاً، وتثبتاً فيمن يروون عنه، وأما صغار التابعين الذين أكثروا مخالطتهم للتابعين هؤلاء أشد تجوزاً فيمن يروون عنه، وأيضاً من الأسباب التي جعلت الإمام الشافعي يرد مراسيل صغار التابعين: أنه وُجد الدلائل فيما أرسلوا بضعف مخرجه، يعني وُجد فيما يرسلونه الشيء الضعيف، وهذا كثير عندهم، والأمر الثالث: كثرة الإحالة، كثرة الإحالة بالأخبار، وإذا كثرت الإحالة كان أمكن للوهم، وضعف من يُقبل عنه، إيش معنى كثرة الوسائط، كثرة الإحالة، يعني إذا كان من الكبار؛ فالاحتمال الأقوى أنه رواه عن صحابي؛ لأنه أدرك كثيراً من الصحابة، ما يعوزه أن ينقل الخبر عن صحابي، وهذا هو الذي يغلب على الظن، يحتمل –أيضاً- أنه رواه عن تابعي في سنه، كبير، أو أكبر منه، وهذا الاحتمال قوي، لكن هل يحتمل أن تابعي كبير يروي عن تابعي صغير، عن تابعي متوسط، عن تابعي كبير، عن صحابي هذا قد لا يتصور، توجد رواية الأكابر عن الأصاغر، توجد رواية صالح بن كيسان عن الزهري، وهو اكبر منه، لكن هذا نادر من جهة، والأمر الثاني: أن السبب واضح؛ تأخر صالح بن كيسان في الطلب حتى شاب قبل أن يطلب العلم، وعد من كبار الآخذين عن الزهري، فهو –حكماً- صغير بالنسبة للزهري، وإن كانت حقيقته في سنة كبير، لكنه في الطلب متأخر، إذا كثرت الوسائط، يعني إذا كان الراوي كبيراً من كبار التابعين؛ احتمال أنه رواه عن صحابي، أو عن تابعي كبير ثاني عن صحابي، الوسائط قليلة اثنان، يعني ما يزيدون، وإن زادوا ثلاثة، لكن إن كان من صغار التابعين، وكثرت الوسائط صار في طبقة التابعين أربعة، أو خمسة، ثم الصحابي، كثرة الوسائط