في مذهب الإمامين، الإمام البخاري اشتراط اللقاء، ومذهب الإمام مسلم الاكتفاء بالمعاصرة، وإمكان اللقاء، في هذا المذهب معركة قديمة، وحديثة، ولا شك أن الاحتياط في قول البخاري، وفيه احتياط للسنة، وقول مسلم مصحح –أيضاً- عند أهل العلم، وجرى عليه العمل عند جمهورهم، لا يعني أن الإمام البخاري يشترط لشدة تحريه، واحتياطه اللقاء في صحيحه، أو مطلقاً على ما يقول أهل العلم، أن المذهب الثاني ليس بصحيح، الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- شنع على من اشترط اللقاء، شنع تشنيعاً بالغاً، وقال: إنه قول مبتدع، مخترع، ساقط من القول، ويوجد من يكتب في هذه المسألة، وينفي اشتراط اللقاء عن الإمام البخاري، وعن علي بن المديني، الذي يسمع كلام الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في هذه المسألة يقول: يستحيل أن يقول مثل هذا الكلام في حق شيخه الإمام البخاري الذي لولاه لما ذهب مسلم، ولا جاء، يعني مثلاً كلام الإمام مسلم شديد، وأطال الكلام في الاحتجاج بالحديث بالسند المعنعن، يقول: وقد تكلم بعض منتحلي الحديث من أهل عصرنا في تصحيح الأسانيد، وتسقيمها بقولٍ لو ضربنا عن حكايته، وذكر فساده صفحاً لكان رأياً متيناً، ومذهباً صحيحاً.