قد يقول قائل: تكلم في رجال قد لا يحتاج إليهم، في كتب الرجال تكلم في رجال قد لا يحتاج إليهم، الحديث صح وثبت من طريق غيرهم، فلماذا نتكلم في رجال ثبت الحديث من غير طريقهم، إذا افترضنا أن الحديث يروى من طرق يثبت الحديث ببعضها، فلماذا نتكلم في الطرق الأخرى التي لسنا بحاجة إلى الكلام فيهم من أجل إثبات الحديث؟ نقول: الكلام فيهم لا بد منه؛ لأنه قد يرد من طريقهم أحاديث أخرى لا تروى إلا من طريقهم، فمادام صنفوا في الرواة فلا بد من النظر في أحوالهم جرحاً وتعديلاً؛ لأننا في هذا الحديث لسنا بحاجة إليهم لكن قد نضطر إليهم في حديث آخر، والعلماء حينما تصدوا لنقد الرواة لا شك أنهم استحضروا هذا الأمر، هو لا يكفي أن يقال: إن الجرح والتعديل يجوز، لا بل يجب، جرح وتعديل الرواة، أما الجرح والتعديل الذي هو مجرد تفكه بأعراض المسلمين هذا لا يجوز بحال؛ لأنه غيبة، ولا يترتب عليهم مصلحة راجحة، وقد يترتب عليه مصلحة لكنها مرجوحة، والعبرة بالغالب.