مثل ما ذكرت، بعضهم ذكر أن هذا شرطه للتصحيح جملة، ولا يصحح حديث إلا إذا ثبت له هذا، وتعليله بعض الأحاديث في تاريخه الكبير يدل عليه، والحافظ ابن كثير يرى أن هذا شرط له في صحيحه فقط، لا للصحة، لا لأصل الصحة، يعني حينما يزعم مثلاً البيهقي، أو ابن العربي، أو الكرماني الشارح مثلاً، أن شرط البخاري في صحيحه ألا يخرج إلا ما رواه عدد عن عدد، ما رواه اثنان عن اثنين إلى آخره، ولا يخرج حديث واحد عن واحد، ويش مستندهم في هذا؟ هل نقول هذا استقراء؟ وأول حديث، وآخر حديث يرد هذه الدعوة، لكن هم رأوا من تشديد الإمام البخاري، من تشديد الإمام البخاري في قبول المرويات، وأنه لا يثبت حديثاً إلا بعد أن يصلي، وبعد أن يتحرى، وتثبت مع ما عنده من حفظ، ودقة نظر، قالوا شأنه فوق شأن الناس الذين يكتفون بالواحد، هذا مجرد ميل، واسترواح، وإلا فواقع الحديث يرد ذلك، ولو جاءنا من يقول: إن البخاري لا يخرج إلا حديث الثلاثة، ويستدل بجملة أحاديث من صحيحه؛ يرد عليه، اقرأ.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد قال الحافظ -رحمه الله تعالى-:
تعارض الوصل والإرسال، أو الرفع والوقف
واحكم لوصل ثقة في الأظهر ... وقيل: بل إرساله للأكثر
ونسب الأول للنظار ... أن صححوه وقضى البخاري
بوصل:((لا نكاح إلا بولي)) ... مع كون من أرسله كالجبل
وقيل: الأكثر وقيل: الاحفظ ... ثم فما إرسال عدل يحفظ
يقدح في أهلية الواصل أو ... مسنده على الأصح ورأوا
أن الأصح الحكم للرفع ولو ... من واحد في ذا وذا كما حكوا
يقول الناظم -رحمه الله تعالى- في باب "تعارض الوصل والإرسال، أو الرفع والوقف" سبق الكلام فيما يعتضد به المرسل، وهو أنه إن روي المرسل مسنداً إذا روي له شاهد مسند، أو مرسل آخر يرويه غير رجال المرسل الأول، فإنه يتقوى، وهذا إذا كانا حديثين، إذا كانا حديثين يتقوى أحدهما بالآخر، لكن إذا كان حديثاً واحداً يروى مرة مرسل، ومرة مسند؛ يتقوى، أو لا يتقوى؟ يتقوى إذا كانا حديثين، واحد مرسل، وواحد مسند، نعم؟