إذا روى عمن لقيه، ما لم يروه عنه، ما لم يسمعه منه بصيغة موهمة فهذه تدليس –أيضاً-، هذا تدليس –أيضاً-، وعليه الجماهير، الحال الثالثة: إذا روى الراوي عمن عاصره، ثبتت المعاصرة، لكن لم يثبت اللقاء، روى عن هذا الشخص الذي عاصره ولم يسمع منه، إذا كان لم يلقه فمن باب أولى لم يسمع منه، فإذا روى عنه بصيغة موهمة فالإرسال الخفي، وعدها ابن الصلاح، ومن تبعه من التدليس، وحكاها ابن عبد البر في مقدمة التمهيد عن بعضهم، وإذا قلنا بأن هذه الصورة من التدليس؛ قلنا: لم يسلم من التدليس أحد، لم يسلم من التدليس أحد، ولا بعض الصحابة، ممن أكثر روايتهم عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بالواسطة الذي تقدم ذكرهم في مراسيل الصحابة، الصورة الرابعة: أن يروي الراوي عن من لم يعاصره؛ يعني إذا حثنا في كتب التراجم، ووجدنا هذا الراوي ولد سنة مائة، ومن روى عنه مات سنة مائة، أو مائة وواحد، أو مائة واثنين، أو تسعة وتسعين، أو قبل ذلك "بصيغة موهمة" فهذا انقطاع ظاهر؛ إرسال ظاهر، وليس بإرسال خفي، قال ابن عبد البر عن بعضهم: أنه شذ، وسماه تدليساً، وسمى هذه الصورة تدليساً؛ لماذا؟ لإيهام الصيغة؛ لمجرد أن الصيغة موهمة بهذا الحصر نستطيع أن نفرق بين الأنواع، ظاهر، وإلا ما هو بظاهر؟ الآن بان لنا الفرق بين التدليس، والإرسال الخفي، والإرسال الظاهر الذي هو الانقطاع؟ بهذه الطريقة يبين، والأحوال الأربعة كلها حجة من يرى أنها كلها تدليس بما في ذلك مع عدم المعاصرة أن الصيغة موهمة، الصيغة محتملة للسماع وغيره، لكن إذا احتملت الصيغة، ولم يحتمل السن؛ هل نقول بأن هذا تدليس؟ أبداً؛ لأن التدليس من الاختلاط، من اختلاط الظلام، فإذا روى الراوي عمن لم يدركه؛ هذا ما فيه اختلاط، هذا معروف بالتواريخ، بالمواليد والوفيات معروف، إذا عرفنا هذا، وأن الصورة الأولى، والثانية تدليس، والثالثة إرسال خفي، والرابعة انقطاع ظاهر، نأتي إلى كلام الناظم -رحمه الله تعالى-: