وذا بمقصد يختلف "فشره للضعف" فشر أنواع تدليس الشيوخ ما كان الباعث عليه ضعف المروي عنه، ضعف المروي عنه، فيسقط لأنه ضعيف، وفي هذا غش للقارئ، غش لمن يطلع على هذا الحديث "واستصغاراً" واستصغاراً يعني الشيخ أصغر من التلميذ، فالشيخ يأنف أن يقول: حدثني فلان وهو أصغر منه، وهذا موجود في النفوس، موجود في نفوس البشر؛ إلا النفس التي روضت على ما جاء عن الله وعن رسوله، روضت على سلامة القلب، روضت على الأخذ من الكبار والصغار والأقران، ولا ينبل الرجل حتى يأخذ عمن هو فوقه ودونه ومثله، فإذا أخذ عمن دونه واستصغره يحذفه "فشره للضعف واستصغارا" وقد يكون للخوف من عدم أخذه، وانتشاره مع الاحتياج إليه، أو يكون مثلاً لعدم الاتهام بالموافقة على الرأي المخالف كما فعل البخاري "وكالخطيب يوهم استكثاراً" الآن الخطيب الذي روى عن الجمع الغفير من الشيوخ هو بحاجة إلى الاستكثار، يروي عن جموع غفيرة من الشيوخ، الخطيب البغدادي هل هو بحاجة للاستكثار؟ "وكالخطيب يوهم استكثاراً" يعني من الشيوخ، فشيخ واحد يروي عنه على خمسة أوجه، وعلى أربعة أوجه، وعلى ثلاثة أوجه، حدثني الحسن بن محمد الخلال، حدثني الحسن بن أبي طالب، حدثني أبو محمد الخلال، حدثني أبو محمد بن أبي طالب، إلى آخره، يقلب الشيخ الواحد على أوجه، فالناظر قصير النظر يظن هؤلاء خمسة شيوخ، فشيوخه الذين يبلغون الألف بهذه الطريقة يمكن يبلغون ثلاثة آلاف؛ فهل هذا مقصد للخطيب يوهم استكثاراً، أو نقول: يريد أن يتفنن في العبارة، لا سيما في الشيوخ الذين يكثر النقل عنهم، فبدلاً من أن ينقل عن الحسن بن محمد الخلال بهذا الاسم الثلاثي في مائة موضع من كتاب واحد، يمل السامع، فيريد أن يتفنن في العبارة، ويقلب الاسم، والرجل ثقة حيثما كان، وعلى هذا لا يقال أن الخطيب يستكثر بل شيوخه كثر لا يحتاج إلى كثرة، فلعله يريد أن يتفنن في العبارة بحيث لا يمل السامع، يوجد الاستكثار عند بعض الباحثين، فتجده مثلاً يرجع إلى مائة كتاب في بحث مكون من خمسمائة صفحة إلى مائة كتاب، لكن الكتب مرة تذكر باسمها المشهور، ومرة باسمها غير المشهور، مثلاً يقول: تفسير الطبري، في موضع، وفي موضع الجيم يقول: جامع