فيها توسعة، ثم لما ذلت الألسنة، والألسنة أخذت على القرآن، صاروا يستطيعون أن يقيموا الحروف مع اختلاف يسير بين لهجات القبائل مما تحتمله صورة الكلمة؛ بقي هذا الأمر الذي هو أصل القراءات السبع.
فمثل هذا الحديث يقال: إنه في أول الأمر: ((اقرءوا فكل حسن)).
يقول: هل في هذا دليل على أن الأداء في القرآن ليس بواجب؟
التوسعة فيما تحتمله الكلمة هذا تقتضيه القراءات المتواترة، أما ما لا تحتمله صورة الكلمة، ورسم المصحف الذي أجمع عليه الصحابة، وأرسله عثمان إلى الأمصار، فهذا لا تجوز القراءة به، إذا كانت خارجة عن هذه المصاحف الأربعة التي بعث بها عثمان إلى الأمصار، في هذه المصاحف شيء من الاختلاف، شيء من الاختلاف اليسير الذي قالوا: يحتمل مثل: {تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ} [(١٠٠) سورة التوبة]، و:{مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} [(٢٥) سورة البقرة]، قالوا: إن المصاحف الثلاثة: تحتها الأنهار، وفي المصحف الشامي: من تحتها الأنهار، وإلا في مثل هذا الاختلاف لا يحتمله الرسم، ولولا وجود مثل هذا الحرف لقلنا: إن المصاحف العثمانية واحدة، والعلماء -كما سمعنا سابقاً- يقررون أن القراءة، وأن الصلاة لا تصح بقراءة خارجة عن مصحف عثمان؛ لأن الصحابة أجمعوا عليها، ولا يمكن أن يجمعوا على شيء إلا وقد اعتمدوا فيه على نص، اعتمدوا فيه على نص عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولعل ما أجمعوا عليه هو ما ثبت في العرضة الأخيرة، في السنة الأخيرة من عمره -عليه الصلاة والسلام-.