شر تدليس الشيوخ للضعف واستصغارا، وشر أنواع التدليس مطلقاً تدليس التسوية؛ يعني تدليس الشيوخ يسمي شيخه بما لا يعرف به، أو ينسبه بما لم يشتهر به، إذا كان لضعفه هذا شر أنواع تدليس الشيوخ، إذا كان لضعفه ليوعر الطريق الموصل إليه، هذا شر إذا كان ضعيفاً بيروج الحديث، وراويه ضعيف هذا شرها، واستصغاراً –أيضاً-، استصغاراً لمن روى عنه، واحتقاراً له، وترفعاً عن أن يروي عن من دونه، هذا لا شك أنه قدح في الإخلاص، "وكالخطيب يوهم استكثاراً" وكالخطيب يوهم استكثاراً من الشيوخ، فيورد الشيخ على خمس صور، كل صورة يظن الواقف عليها أنه غير الشيخ الأول، لكن ما يظن بالخطيب هذا، وليس بحاجة إلى مثل هذا، الشيخ الخطيب -رحمة الله عليه- عنده من الشيوخ ما يغنيه عن مثل هذا القصد، وإنما يقصد به التفنن في العبارة، وتنشيط القارئ، يعني لو في مائة موضع من كتاب تقول: حدثني محمد بن سعيد الأنصاري، كلها تسوقها على هذا الأساس، على هذه الصورة، يمل القارئ، لو مرة تقول: حدثني محمد بن سعيد الأنصاري، ومحمد بن سعيد الأنصاري تنسبه إلى جده، بحيث لا يوقع في لبس، ومرة تقول: حدثني أبو سعيد الأنصاري، وهو هو، ومسلم يفعل هذا، أحياناً يأتي بالاسم خماسي، وأحياناً يأتي به مهملاً من دون نسبة، ولا إلى أبيه، وأحياناً ينسبه إلى أبيه، وأحياناً إلى جده بما لا يوقع في لبس، أما إذا أوقع في لبس فكان في طبقته من ينسب هذه النسبة، ويوافقه في الاسم واسم الأب؛ مثل هذا لا بد من البيان، شرها شر جميع أنواع التدليس، الأول شر أنواع تدليس الشيوخ ما كان الحامل عليه الضعف، ضعف الراوي، واستصغار الراوي؛ لأن هذا يقتضي احتقار الراوي.