فجعل الناظم -رحمه الله تعالى- تبعاً للأصل هذه الترجمة بين البابين السابقين: الشاذ والمنكر، ثم أردفها بالأفراد، ثم أخر الكلام على الغريب مع العزيز، والمشهور في أواخر الكتاب، والأصل، والأنسب أن يأتي بالشاذ، ثم المنكر، ثم الفرد ثم الغريب، ثم بعد ذلك يأتي بالاعتبار، لكنه وسط هذه الترجمة بين بابين فقدمهما، وبابين فأخرهما، وهذا مما يلاحظ على الأصل، الذي هو ابن الصلاح؛ لأنه ألفه، ألف كتابه شيئاً فشيئاً، ألف كتابه ليلقيه على الطلاب في دروس، ولذا جاءت تراجمه هكذا، وابن الصلاح -رحمه الله تعالى- اجتهد في ترتيب كتابه، وتحريره، وجمعه من المصادر المختلفة، فأملاه على الطلاب، ولوحظ عليه بعض الشيء، وهكذا، وهذا هو الشأن في مصنفات البشر، لا بد أن يلاحظ عليه، ولا يمكن أن يكون الكمال، والتمام إلا لكتاب الله -جل وعلا-.
هذه الترجمة:"الاعتبار والمتابعات والشواهد" قد يفهم من النسق بين الثلاث الكلمات الاعتبار، والمتابعات، والشواهد أنها قسائم، فالاعتبار قسيم للمتابعات، والشواهد، فعلى هذا تكون الأنواع ثلاثة، الاعتبار، والمتابعات، والشواهد، وهذا الفهم ليس بصحيح؛ لأن ما يعتضد به الخبر، وما تتعدد به الطرق هي المتابعات والشواهد فقط، فحق العبارة كما يقول الحافظ ابن حجر: معرفة الاعتبار للمتابعات، والشواهد، معرفة الاعتبار للمتابعات، والشواهد، فالاعتبار ليس قسيماً للمتابعات والشواهد، يعني لا يوجد شيء ينقسم إلى ثلاثة أقسام هي الاعتبار، والمتابعات، والشواهد، وإنما هي المتابعات، والشواهد فقط، وأما الاعتبار، فهو الاختبار، والنظر، والسبر في دواوين السنة؛ للبحث عن المتابعات، والشواهد، ولذا يقول الحافظ -رحمه الله تعالى- في نظمه، الحافظ العراقي:
"الاعتبار سبرك الحديث":
الاعتبار سبرك الحديث هل ... شارك راوٍ غيره فيما حمل