الطالب المبتدئ حينما يسمع هذه الأقوال لا شك أنه يضطرب، ولا يدري ماذا يصنع؟ هل يقبل؟ أو يرد؟ أو يصنع كما صنع الأئمة؟ يعني لا شك أن المرجح هو قول، هو ما عليه عمل الأئمة وأن الحكم للقرائن، لكن هل لطالب العلم المبتدئ في علوم الحديث الذي يدرس قواعد الحديث، ويطبق عليها؛ فيخرج الأحاديث، ويجمع الطرق، وينظر في الأسانيد؟ هل له أن يحاكي المتقدمين، فيحكم بالقرائن، ويترك هذه الأقوال؟ أو يحكم بحكم عام مطرد في بداية الأمر، ثم بعد ذلك إذا تأهل، وساوى المتقدمين في أحكامهم، وصارت لديه أهلية، وملكة يستطيع بها أن يرجح بالقرائن؟ هذا هو الأصل، فطالب العلم عليه أن يتخرج، ويتمرن على قواعد المتأخرين؛ فمثلاً في مثل هذا الباب يقبل الزيادات مطلقاً، أو يردها مطلقاً، المقصود أنه يثبت يرسي على شيء في طور التمرين؛ لتكون أحكامه مطردة، ثم بعد ذلك إذا أكثر من هذا العمل؛ لماذا؟ لأننا نقول لأنه لن يعول على تخريجه، ولا على تصحيحه؛ لأنه طالب علم مبتدئ، المسالة مفترضة في طالب علم مبتدئ ما تمكن، لكن إذا تمكن، وأكثر من التخريج، وجمع الطرق ودراسة الأسانيد، أكثر من ذلك؛ لا شك أن الأهلية تتكون لديه تدريجياً، فإذا تأهل لذلك وصار لديه من الملكة ما يستطيع بها بواسطتها أن يحكم بالقرائن هذا فرضه، وهذا ذكر في مناسبات كثيرة، ونظير التفقه في الأحكام، نظير ذلك التفقه في الأحكام؛ يعني في بداية الأمر هل لطالب العلم المبتدئ أن يتفقه من الكتاب والسنة؟ نقول: في علوم الحديث: المتقدمون هم الأصل، والمتأخرون عالة عليهم؛ لماذا لا يحاكي المتقدمين؟ لأنه لا يستطيع دونه خرط القتاد؛ لا يستطيع أن يحاكي المتقدمين، لكن إذا تأهل هذا فرضه، التفقه من الكتاب والسنة؛ هذا هو الأصل لكن بالنسبة لطالب علم مبتدئ دون ذلك خرط القتاد حتى يتمرن على أقوال العلماء، وينظر في مذاهب علماء الأمصار، ويجمع أدلتهم، ويوازن بينها، ثم إذا تأهل للاجتهاد؛ نقول: فرضه الاجتهاد، ولا يجوز له التقليد، أما في البداية حكمه حكم العامي عليه أن يقلد أهل العلم، فلا نضطرب في مثل هذه المسائل.