يجعلون مثلاً صحيح البخاري محوراً، يبحثون ويدورون عليه، فيأتون إلى حديث الأعمال بالنيات، أول حديث في الصحيح، ثم ينظرون في مواضعه من صحيح البخاري، ترى هذه من أعظم ما ينفع طالب العلم في معرفة هذه الأسباب التي تقدح في الأخبار، وتؤثر على الأسانيد، والمتون، وهي –أيضاً- من أنفع ما ينفعه في باب التفقه، وفي فهم الأحاديث على وجهها، تأتي إلى الحديث الأول في صحيح البخاري، وتنظر في مواضع تخريجه من الصحيح، وتربط بين الترجمة والخبر، وتنظر فيما ذكره البخاري -رحمه الله- في الترجمة من فقهه الدقيق، وما ذكره في الترجمة من أثر عن صحابي، أو تابعي مما يبين لك بعض الإشكال في الحديث، فإذا جئنا مثلاً إلى حديث معاوية، إلى حديث معاوية، في الصحيح في البخاري، وغيره:((إنما هلك بنو إسرائيل حينما اتخذ نسائهم القَصَّة))، السامع بيتصور شيئاً، كل من يسمع الخبر بيتصور شيئاً، كأنه يقول: القصة التي، استعمال الناس لقص الشعر، استعمال النساء لقص الشعر هو الذي أهلك بني إسرائيل، وسمعنا من يمنع القصة، ويحرم القصة، ويستدل بهذا الخبر، يعني القصة منتشرة بين النساء، لكن إذا نظرنا إلى ترجمة البخاري على هذا الخبر "باب ما جاء في وصل الشعر" وأورد حديث معاوية، تغيرت النظرة إلى الحديث، وانقلب المعنى "باب ما جاء في وصل الشعر"، ((وهلك بنو إسرائيل حينما اتخذ نسائهم القصة))، ما يختلف المعنى؟ استفدنا، وإلا ما استفدنا؟ أي فائدة يا الإخوان؟ المسالة تحتاج إلى جمع الطرق، والنظر في تراجم العلماء، في فقه العلماء في هذه التراجم، وأورد حديث معاوية في هذا:((وإنما هلك بنو إسرائيل حينما اتخذ نسائهم القصة))، فتناول كبة من شعر بيد حرسي فوضعها على رأسه، يعني المقصود بها الزيادة في الشعر لا الأخذ منه، استفدنا، وإلا ما استفدنا؟ فائدة عظيمة جداً، لا تقدر بقيمة، يعني بدلاً من أن يقف أمام الناس، وهذا حصل من شيخ له تاريخ في الدعوة، أمضى عمره في الدعوة، ولما انتشرت القصة بين الناس قبل كم سنة؛ أخذ يحذر منها، وينتقل من مسجد إلى آخر، ويشدد في تحريمها، ويستدل بهذا الحديث.